﴿وخلق الله﴾ أي: الذي له جميع أوصاف الكمال ﴿السموات والأرض﴾ وقوله تعالى ﴿بالحق﴾ متعلق بخلق وقوله تعالى ﴿ولتجزى﴾ أي: بأيسر أمر ﴿كل نفس﴾ أي: منكم ومن غيركم معطوف على بالحق في المعنى لأن كلاً منهما سبب فعطف العلة على مثلها أو أنه معطوف على معلل محذوف والتقدير: خلق هذا العالم إظهاراً للعدل والرحمة، وذلك لا يتم إلا إذا حصل البعث والقيامة وحصل التفاوت بين الدرجات والدركات من المحقين والمبطلين ﴿بما﴾ أي: بسبب ما ﴿كسبت﴾ من خير أو شر ﴿وهم﴾ أي: والحال أنهم ﴿لا يظلمون﴾ أي: لا يوجد من موجد ما في وقت من الأوقات جزاء لهم في غير موضعه هذا على ما جرت به عوائدكم في العدل والفضل، ولو وجد منه سبحانه وتعالى غير ذلك لم يكن ظلماً منه لأنه المالك المطلق والملك الأعظم، فلو عذب أهل سماواته وأهل أرضه كلهم لكان غير ظالم في نفس الأمر، فهذا الخطاب إنما هو على ما يتعارفونه من إقامة الحجة بمخالفة الأمر ثم عاد سبحانه وتعالى إلى شرح أحوال الكفار وقبائح طرائقهم فقال:
(١٠/٢٢٥)
---
﴿أفرأيت﴾ أي: أعلمت علماً هو في تيقنه كالمحسوس بحاسة البصر التي هي أثبت الحواس ﴿من اتخذ﴾ أي: بغاية جهده ﴿إلهه هواه﴾ أي: ما يهواه من حجر بعد حجر يراه أحسن، روي عن أبي رجاء العطاردي وهو ثقة أدرك الجاهلية ومات سنة خمس ومائة عن مائة وعشرين سنة قال: كنا نعبد الحجر فإذا وجدنا حجراً أحسن منه ألقيناه وأخذنا الآخر فإذا لم نجد حجراً جمعنا حثوة من تراب فحلبنا عليها ثم طفنا بها. قال الأصفهاني: سئل ابن المقفع عن الهوى فقال: هوان سرقت نونه فنظمه من قال:
*نون الهوان من الهوى مسروقة ** فأسير كل هوى أسير هوان*
وقال آخر أيضاً:
*إن الهوى لهو الهوان بعينه ** فإذا هويت فقد لقيت هوانا*