﴿بسم الله﴾ الذي لا يذل من والى ولا يعز من عادى. ﴿الرحمن﴾ الذي سبقت رحمته غضبه ﴿الرحيم﴾ الذي خص حزبه بعمل الأبرار للفوز في دار القرار، وتقدّم الكلام على قوله تعالى:
﴿حم﴾ مراراً، وقرأ ابن ذكوان وشعبة وحمزة والكسائي بإمالة الحاء محضة، وقرأ ورش وأبو عمرو بإمالتها بين بين وفتحها الباقون. وقيل: المراد بحم حكمة محمد ﷺ التي هي النهاية في الصواب والسداد أحكمها الذي أحاطت قدرته فهو لا يخلف الميعاد.
وقوله تعالى:
﴿تنزيل الكتاب﴾ أي الجامع لجميع الخيرات بالتدريج على حسب المصالح ﴿من الله﴾ أي الجبار المتكبر المختص بصفات الكمال ﴿العزيز﴾ في ملكه ﴿الحكيم﴾ في صنعه لأنه لم يفعل شيئاً إلا في أوفق محاله وأنه الخالق للخير والشرّ وأنه يعز أولياءه ويذل أعداءه.
(١١/١)
---
﴿ما خلقنا﴾ أي؛ على مالنا من العظمة الموجبة للتفرّد بالكبرياء ﴿السموات والأرض﴾ على ما فيهما من الآيات ﴿وما بينهما إلا﴾ خلقاً ملتبساً ﴿بالحق﴾ أي: الأمر الثابت من القدرة التامة والتصرّف المطلق ليدل على قدرتنا ووحدانيتنا ﴿وأجل﴾ أي وبتقدير أجل ﴿مسمى﴾ ينتهي إليه وهو يوم القيامة.
﴿والذين كفروا عما أنذروا﴾ أي: خوفوا به من القرآن من هول ذلك اليوم الذي لا بدّ لكل خلق من انتهائه إليه ﴿معرضون﴾ أي لا يؤمنون به ولا يهتمون للاستعداد له.
ثم قال الله تعالى لنبيه صلى الله عليه وسلم
﴿قل﴾ أي: لهؤلاء المعرّضين أنفسهم لغاية الخطوب منكراً عليهم تبكيتاً وتوبيخاً ﴿أرأيتم﴾ أي: أخبروني عن حال آلهتكم بعد تأمّل وروية باطنة. ﴿ما تدعون﴾ أي: تعبدون ثم نبه على سفولهم بقوله تعالى:
﴿من دون الله﴾ أي: المالك الأعظم الذي كل شيء دونه فلا كفء له مفعول أوّل وقوله تعالى: ﴿أروني﴾ أي: أخبروني تأكيد وقوله: ﴿ماذا خلقوا﴾ مفعول ثان وقوله تعالى: ﴿من الأرض﴾ بيان لما أي: ليصح ادّعاء أنهم شركاء فيها باختراع ذلك الجزء.