﴿ويوم﴾ أي: واذكر يوم ﴿يعرض﴾ أي: بأيسر أمر من أوامرنا ﴿الذين كفروا﴾ أي: ستروا بغفلتهم وتماديهم الأدلة الظاهرة ﴿على النار﴾ عرض الجند على الملك، فيسمعون من تغيظها وزفيرها ما لو قدّر أن أحداً يموت في ذلك اليوم لماتوا من معاينته، وهائل رؤيته ثم يقال لهم ﴿أليس هذا﴾ أي: الأمر الذي كنتم به توعدون، ولرسلنا في إخبارهم به تكذبون ﴿بالحق﴾ أي: الأمر الثابت الذي يطابقه الواقع، أم هو خيال وسحر ﴿قالوا﴾ أي: مصدّقين حيث لا ينفعهم التصديق ﴿بلى﴾ وما كفاهم البدار إلى تكذيب أنفسهم حتى أقسموا عليه بقولهم: ﴿وربنا﴾ أي إنه لحق هو أثبت الأشياء، وليس فيه شيء مما يقارب السحر.
تنبيه: المقصود من هذا الاستفهام التحكم والتوبيخ على استهزائهم بوعد الله تعالى ووعيده. ﴿قال فذوقوا العذاب﴾ أي: باشروه مباشرة الذائق باللسان. ومعنى الأمر؛ الإهانة بهم والتوبيخ لهم ثم صرّح بالسبب فقال تعالى: ﴿بما كنتم﴾ أي: خلقاً مستمرّاً ﴿تكفرون﴾ في دار العمل.
ولما قرّر تعالى المطالب الثلاثة؛ وهي التوحيد، والنبوّة، والمعاد. وأجاب عن الشبهات أردفه بما يجري مجرى الوعظ والنصيحة لنبيه محمد ﷺ وذلك لأنّ الكفار كانوا يؤذونه ويوحشون صدره. فقال تعالى:
﴿فاصبر﴾ أي: على مشاق ما ترى في تبليغ الرسالة، وعلى أذى قومك قال القشيري: الصبر، هو الوثوق بحكم الله تعالى والثبات من غير بث ولا استكراه ﴿كما صبر أولو العزم﴾ أي: الثبات والجدّ في الأمور. وقال ابن عباس رضي الله عنهما: أولو الحزم وقوله تعالى: ﴿من الرسل﴾ يجوز فيه أن تكون ﴿من﴾ تبعيضية وعلى هذا فالرسل: أولو عزم وغير أولي عزم ويجوز أن تكون للبيان، وعليه جرى الجلال المحلي فكلهم على هذا أولو عزم.
(١١/٤٣)
---