﴿ذلك﴾ يجوز أن يكون مبتدأ والخبر الجار بعده، أو خبر مبتدأ مضمر. أي: الأمر ذلك ﴿بأنهم﴾ أي: بسبب أنهم ﴿كرهوا ما أنزل الله﴾ أي: الملك الأعظم الذي لا نعمة إلا منه من القرآن وما أنزل الله تعالى فيه من التكاليف والأحكام لأنهم قد ألفوا الإهمال وإطلاق العنان في الشهوات والملاذّ فشق عليهم ذلك، وتعاظمهم والذي أنزله من القرآن وغيره هو روح الوجود الذي لا بقاء بدونه فلما كرهوا الروح الأعظم بطلت أرواحهم فتبعتها أشباحهم وهو معنى قوله تعالى مسبباً بياناً لمعنى إضلال أعمالهم ﴿فأحبط﴾ أي: أبطل إبطالاً لاصلاح معه ﴿أعمالهم﴾ بسبب: أنهم أفسدوها بنياتهم فصارت وإن كانت صورها صالحة ليس لها أرواح لكونها واقعة على غير ما أمر به الله الذي لا أمر إلا له، ولا يقبل من العمل إلا ما حدّه ورسمه ثم خوّف الكفار بقوله تعالى: ﴿أفلم يسيروا في الأرض﴾ أي: التي فيها آثار الوقائع ﴿فينظروا كيف كان عاقبة﴾ أي: آخر أمر ﴿الذين من قبلهم دمّر الله﴾ أي: أوقع الملك الأعظم الهلاك ﴿عليهم﴾ بما عم أهاليهم وأموالهم، وكل من رضي أفعالهم أو مقالهم. وعدل عن أن يقول ﴿ولهؤلاء﴾ إلى قوله تعالى ﴿وللكافرين﴾ تعميماً وتعليقاً للحكم بالوصف وهو العراقة في الكفر ﴿أمثالها﴾ أي: أمثال عاقبة من قبلهم.
﴿ذلك﴾ أي: الأمر العظيم وهو نصر المؤمنين وقهر الكافرين، ﴿بأن الله﴾ أي: بسبب أنّ الملك الأعظم المحيط بصفات الكمال ﴿مولى﴾ أي: ولي وناصر ﴿الذين آمنوا﴾ فهو يفعل معهم بما له من الجلال والجمال ما يفعل القريب بقريبه الحبيب له قال القشيري: ويصح أن يقال: أرجى آية في القرآن هذه الآية؛ لأن الله تعالى لم يقل إنه هادي العباد وأصحاب الأوراد والاجتهاد بل علق ذلك بالإيمان ﴿وأنّ الكافرين﴾ أي: العريقين في هذا الوصف.l
﴿لا مولى لهم﴾ فيدفع العذاب عنهم وهذا لا يخالف قوله تعالى ﴿وردّوا إلى الله مولاهم الحق﴾ (سورة يونس، آية: ٣٠)
(١١/٥٦)
---