تنبيه: قال أبو حيان في حكمة ترتيب هذه الأنهار: إنه بدأ بالماء الذي لا تستغني عنه المشروبات، ثم باللبن إذ كان يجري مجرى المطعومات في كثير من أوقات العرب، ثم بالخمر لأنه إذا حصل الريّ والمطعم، تشوّقت النفس إلى ما تلتذ به، ثم بالعسل لأنّ فيه الشفاء في الدنيا مما يعرض من المطعوم والمشروب، ا. ه. فإن قيل ما الحكمة في قوله تعالى في الخمر: ﴿لذة للشاربين﴾ ولم يقل في اللبن لم يتغير طعمه للطاعمين، ولا قال في العسل مصفى للناظرين. أجاب الرازي: بأنّ اللذة تختلف باختلاف الأشخاص فرب طعام يلتذ به شخص، ويعافه الآخر. فقال: لذة للشاربين بأسرهم، ولأنّ الخمر كريهة الطعم في الدنيا فقال: لذة أي: لا يكون في خمر الآخرة كراهة الطعم. وأمّا الطعم واللون فلا يختلف باختلاف الناس، فإنّ الحلو والحامض وغيرهما يدركه كل أحد لكن قد يعافه بعض الناس، ويلتذ به البعض مع اتفاقهم على أنّ له طعماً واحداً. وكذلك اللبن فلم يكن للتصريح بالتعميم حاجة.
(١١/٦١)
---