ولما كانت هدايتهم من هدايته أضافها سبحانه إليه إعلاماً له أنها هداية تليق بجنابه الشريف سروراً له وقال البيضاوي: في تبليغ الرسالة وإقامة مراسم الرياسة. وقيل: يهدي بك. وقيل: يديمك على الصراط المستقيم. وقيل: جعل الفتح سبب الهداية إلى الصراط المستقيم لأنه سهل على المؤمنين الجهاد لعلمهم بفوائده العاجلة والآجلة. وقيل: المراد التعريف، أي لتعرف أنك على صراط مستقيم.
﴿وينصرك الله﴾ أي: على ملوك الأمم نصراً يليق إسناده إلى اسمه المحيط بسائر العظم ﴿نصراً عزيزاً﴾ أي: يغلب المنصور به كل من ناوأه ولا يغلبه شيء مع دوامه فلا ذّل بعده لأنّ الأمّة التي تتصف به لا يظهر عليها أحد والدين الذي قضاه لأجله لا ينسخه شيء، فإن قيل: إنّ الله تعالى وصف النصر بكونه عزيزاً والعزيز من له النصر أجيب من وجهين:
أحدهما: قال الزمخشري: إنه يحتمل وجوهاً ثلاثة:
الأوّل: معناه نصراً ذا عزة كقولك في عيشة راضية أي ذات رضا ثانيها: وصف النصر بما يوصف به المنصور إسناداً مجازياً يقال له: كلام صادق. كما يقال له متكلم صادق. ثالثها: المراد نصراً عزيزاً صاحبه.
الوجه الثاني: أن يقال إنما يلزم ما ذكره الزمخشري إذا قلنا العزة في الغلبة والعزيز الغالب، وأما إذا قلنا العزيز هو النفيس القليل النظير أو المحتاج إليه القليل الوجود يقال عز الشيء في سوق كذا أي قل وجوده مع أنه محتاج إليه فالنصر كان محتاجاً إليه ومثله لم يوجد وهو أخذ بيت الله تعالى من الكفار المقيمين فيه من غير عدد ولا عدد.
(١١/٨٧)
---