﴿بل ظننتم﴾ أي: فأنتم واقفون مع الظنون الظاهرة ليس لكم نفوذ إلى البواطن. وقرأ الكسائي: بإدغام اللام في الظاء والباقون بالإظهار وأشار إلى تأكد ظنهم على زعمهم بقوله تعالى ﴿أن لن ينقلب الرسول والمؤمنون إلى أهليهم أبداً﴾ أي: ظننتم أنّ العدوّ يستأصلهم ولا يرجعون لما في قلوبكم من عظمة المشركين وحقارة المؤمنين فحملكم ذلك على أن قلتم ما هم في قريش إلا أكلة رأس، فإن قيل: ما الفرق بين حرفي الإضراب أجيب: بأنّ الإضراب الأول إضراب معناه ردّ أن يكون حكم الله أن لا يتبعوه وإثبات الحسد والثاني إضراب عن وصفهم بإضافة الحسد إلى المؤمنين أي وصفهم بما هو أعمّ منه وهو الجهل وقلة الفقه ﴿وزين ذلك﴾ أي: الأمر القبيح الذي هو خراب الدنيا ﴿في قلوبكم﴾ حتى قلتموه ﴿وظننتم﴾ أي: بذلك وغيره مما يترتب عليه من إظهار الكفر وما يتفرّع عنه ﴿ظنّ السوء﴾ أي: الذي لم يدع شيئاً مما يكره غاية الكراهة إلا أحاط به وقوله تعالى: ﴿وكنتم قوماً بوراً﴾ جمع بائر أي هالكين عند الله تعالى بهذا الظنّ وهذا بالنظر إلى الجمع من حيث هو جمع لا بالنسبة إلى كل فرد فإنه قد أخلص منهم بعد ذلك كثير وثبتوا ولم يرتدّوا.
﴿ومن لم يؤمن﴾ أي: منكم ومن غيركم ﴿بالله﴾ أي: الذي لا موجود على الحقيقة سواه ﴿ورسوله﴾ أي: الذي أرسله لإظهار دينه ﴿فإنا﴾ على مالنا من العظمة ﴿اعتدنا﴾ أي: له هكذا كان الأصل ولكنه قال تعالى معلللاً للحكم بالوصف ﴿للكافرين﴾ إيذاناً بأنه لم يجمع الإيمان بهما فهو كافر وأعدّ له ﴿سعيراً﴾ أي: ناراً شديدة.
(١١/١٠٠)
---