فإن قيل: ما وجه دخول ﴿إن شاء الله﴾ أي: الذي له الإحاطة بصفات الكمال أجيب بأوجه
أحدها: أنه تعالى ذكره تعليماً لعباده الأدب لأن يقولوا في غداتهم مثل ذلك متأدبين بآداب الله ومقتدين بسنته لقوله تعالى ﴿ولا تقولنّ لشيء إني فاعل ذلك غداً إلا أن يشاء الله﴾ (الكهف: ٢٣ ـ ٢٤)
ثانيها: أن يريد لتدخلنّ جميعاً إن شاء الله. ولم يمت منكم أحد.
ثالثها: أن ذلك كان على لسان ملك فأدخل الملك إن شاء الله.
رابعها: إنها حكاية ما قال رسول الله ﷺ لأصحابه وقص عليهم. وقال أبو عبيدة: أن بمعنى إذ مجازه إذ شاء الله. كقوله تعالى ﴿إن كنتم تعلمون﴾ (الجمعة: ٩)
خامسها: إنها للتبرّك وقيل هي متعلقة بآمنين فالاستثناء مواقع على الأمن لا على الدخول لأن الدخول لم يكن فيه شك كقوله ﷺ عند دخول المقبرة وإنا إن شاء الله بكم لاحقون فالاستثناء راجع إلى اللحوق لا إلى الموت. وقوله تعالى: ﴿آمنين﴾ حال من فاعل لتدخلن وكذا ﴿محلقين رؤوسكم﴾ أي: كلها ﴿ومقصرين﴾ أي: بعضها أي منقسمين بحسب التحليق والتقصير إلى قسمين لا تخشون إلا الله تعالى وفيه إشارة إلى أنهم يتمون الحج من أوّله إلى آخره فقوله ﴿لتدخلن﴾ فيه إشارة إلى الأوّل وقوله ﴿محلقّين﴾ ﴿ومقصرين﴾ إشارة إلى الآخر فإن قيل محلقين حال الداخلين والداخل لا يكون إلا محرماً والمحرم لا يكون محلقاً أجيب بأنّ قوله آمنين معناه متمكنين من أن تتموا الحج محلقين ومقصرين وأشار بصيغة التفعيل إلى الكثرة فيهما غير أن التقديم يفهم أنّ الأول أكثر.
(١١/١٢٥)
---