﴿محمد رسول الله﴾ أي: الملك الذي لا كفؤ له فهو الرسول الذي لا رسول يساويه فإنه رسول إلى جميع الخلق من أدرك زمانه بالفعل في الدنيا ومن تقدّمه بالقوّة فيها وبالفعل في الآخرة يوم يكون الكل تحت لوائه وقد أخذ على الأنبياء كلهم الميثاق بأن يؤمنوا به إن أدركوه وأخذ ذلك الأنبياء على أممهم وأشار بذكر هذا الاسم بخصوصه في سورة الفتح إلى أنه ﷺ هو الخاتم بما أشارت إليه الميم التي مخرجها ختام المخارج واستنبط بعض العلماء من محمد ثلاثمائة وأربعة عشر رسولاً فقال فيه ثلاث ميمات وإذا بسطت كل منهما قلت فيه م ي م وعدّتها بحساب الجمل الكبير تسعون فيحصل منها مائتان وسبعون وإذا بسطت الحاء والدال قلت دال بخمسة وثلاثين، وحاء بتسعة فالجملة ما ذكر والاسم واحد فتم عدد الرسل كما قيل أنهم ثلاثمائة وخمسة عشر وقد تقدّم الكلام على أولي العزم منهم في سورة الأحقاف.
تنبيه: يجوز أن يكون محمد خبر مبتدأ مضمر لأنه لما تقدّم هو الذي أرسل رسوله دل على ذلك المقدّر أي هو أي الرسول بالهدى محمد. ورسول الله بدل أو بيان أو نعت وأن يكون محمد مبتدأ وخبره رسول الله وقيل غير ذلك.
ولما ذكر الرسول ذكر المرسل إليهم فقال تعالى ﴿والذين معه﴾ أي: بمعية الصحبة من الصحابة وحسن التبعية من التابعين لهم بإحسان ﴿أشدّاء﴾ أي: غلاظ ﴿على الكفار﴾ منهم لا تأخذهم بهم رأفة بل هم معهم كالأسد على فريسته لأنّ الله تعالى أمرهم بالغلظة عليهم لا يرحمونهم ﴿رحماء بينهم﴾ أي: متعاطفون متوادّون كالوالد مع الولد.
كما قال تعالى ﴿أذلة على المؤمنين أعزة على الكافرين﴾ (المائدة: ٥٤)
(١١/١٢٨)
---