تنبيه: في إعادة النداء فوائد: منها أنّ في ذلك بيان زيادة الشفقة على المسترشد كقول لقمان لابنه: ﴿يا بنيّ لا تشرك بالله﴾ (لقمان: ١٣)، ﴿يا بنيّ إنها إن تك﴾ (لقمان: ١٦)، ﴿يا بنيّ أقم الصلاة﴾ (لقمان: ١٧)، لأنّ النداء تنبيه للمنادي ليقبل على استماع الكلام ويجعل باله منه، فإعادته تفيد تجدد ذلك ومنها أن لا يتوهم أن المخاطب ثانياً غير المخاطب أولاً فإن من الجائز أن يقول القائل: يا زيد افعل كذا وكذا يا عمرو. فإذا أعاد مرة أخرى وقال: يا زيد قل يا زيد قل كذا وقل كذا يعلم أن المخاطب أولاً هو المخاطب ثانياً. ومنها أن يعلم أن كل واحد من الكلامين مقصود ليس الثاني تأكيداً للأوّل كقولك: يا زيد لا تنطق ولا تتكلم إلا بالحق وأنه لا يحسن أن يقول يا زيد لا تنطق يا زيد لا تتكلم، كما يحسن عند اختلاف المطلوبين ﴿ولا تجهروا له بالقول﴾ أي: إذا كلمتموه سواء كان ذلك مثل صوته أو أخفض من صوته، فإنّ ذلك غير مناسب لما يهاب به العظماء ويوقر الكبراء ﴿كجهر بعضكم لبعض﴾ أي: ولا تبلغوا به الجهر الدائر بينكم بل اجعلوا أصواتكم أخفض من ذلك فإنكم إن لم تفعلوا ذلك لم يظهر فرق بين النبيّ ﷺ وبين غيره.
فإن قيل: ما الفائدة في ولا تجهروا بعد لا ترفعوا؟.
(١١/١٣٦)
---


الصفحة التالية
Icon