فقالوا: يا محمد فادنا عيالنا. فنزل جبريل عليه السلام فقال إنّ الله تبارك وتعالى يأمرك أن تجعل بينك وبينهم رجلاً. فقال لهم رسول الله ﷺ أترضون أن يكون بيني وبينكم شبرمة بن عمرو وهو على دينكم فقالوا: نعم. فقال شبرمة: أنا لا أحكم بينهم وعمي شاهد وهو الأعور بن بسامة فرضوا به فقال الأعور: أرى أن تفادي نصفهم وتعتق نصفهم فقال رسول الله ﷺ قد رضيت ففادى نصفهم وأعتق نصفهم» فأنزل الله تعالى ﴿إنّ الذين ينادونك من وراء الحجرات﴾ جمع حجرة وهي ما تحجره من الأرض بحائط ونحوه. كان كل واحد منهم نادى خلف حجرة لأنهم لم يعلموه في أيها مناداة الأعراب بغلظة وجفاء ﴿أكثرهم﴾ أي: المنادي والراضى دون الساكت لعذر ﴿لا يعقلون﴾ أي: محلك الرفيع وما يناسبه من التعظيم، فلم يصبروا بل فعلوا معه ﷺ كما يفعل بعضهم ببعض.
﴿ولو أنهم﴾ أي: المنادي والراضي ﴿صبروا﴾ أي: حبسوا أنفسهم ومنعوها من مناداتهم والصبر: حبس النفس عن أن تنازع إلى هواها، وهو حبس فيه شدّة وصبر. ﴿حتى تخرج إليهم﴾ من تلقاء نفسك عند فراغ ما أنت فيه مما يهمك من واردات الحق ومصالح الخلق ﴿لكان﴾ أي: الصبر ﴿خيراً لهم﴾ أي: من استعجالهم إيقاظك في الهاجرة.
(١١/١٤٠)
---


الصفحة التالية
Icon