فقال رسول الله ﷺ ما يضرّك ما كان من قبل هذا ثم أعطاهم رسول الله ﷺ وكساهم، وكان قد تخلف في ركابهم عمرو بن الأهيم لحداثة سنه فأعطاه رسول الله ﷺ مثل ما أعطاهم فأزرى به بعضهم وارتفعت الأصوات وكثر اللغط عند رسول الله ﷺ فنزل فيهم ﴿يا أيها الذين آمنوا لا ترفعوا أصواتكم فوق صوت النبيّ﴾ الآيات الأربع إلى قوله تعالى: ﴿غفور رحيم﴾ وقال زيد بن أرقم جاء ناس من العرب إلى رسول الله ﷺ فقال بعضهم لبعض: انطلقوا بنا إلى هذا الرجل فإن يكن نبياً فنحن أسعد الناس به، وإن يكن ملكاً نعش في جناحه. فجاؤوا فجعلوا ينادون من وراء الحجرات يا محمد. فأنزل الله تعالى ﴿إنّ الذين ينادونك﴾ الآية وقيل: المراد بأكثرهم كلهم. لأنّ العرب تذكر الأكثر وتريد الكل احتراز عن الكذب واحتياطاً في الكلام. لأنّ الكل ما لا يحيط به علم الإنسان في بعض الأشياء فيقول الأكثر وفي اعتقاده الكل.
ثم إنّ الله تعالى مع إحاطة علمه بالأمور أتى بما يناسب كلامهم وفيه إشارة إلى لطيفة، وهي أنّ الله تعالى يقول مع إحاطة علمي بكل شيء جريت على عادتكم استحساناً لتلك العادة، وهي الاحتراز عن الكذب فلا تتركوها واجعلوا اختياري ذلك في كلامي دليلاً قاطعاً على رضاي بذلك منكم.
تنبيه: جعل الزمخشري أنهم من ولو أنهم فاعلاً بفعل مقدر أي ولو ثبت صبرهم وجعل اسم كان ضميراً عائداً على هذا الفاعل. ولكن مذهب سيبويه أنها في محل رفع بالابتداء وحينئذ يكون اسم كان ضميراً عائداً على صبرهم المفهوم وجرى على الأوّل البيضاوي، وعلى الثاني الجلال المحلى واختلف في سبب نزول قوله تعالى:
(١١/١٤٢)
---


الصفحة التالية
Icon