والحكم في قتالهم أن لا يتبع مدبرهم ولا يقتل أسيرهم ويرد سلاحهم وخيلهم إليهم إذا انقضت الحرب وأمنت عائلتهم ولا يستعمل في قتال إلا لضرورة ولا يقاتلون بعظيم كنار ومنجنيق إلا لضرورة، ولو أقاموا حدّ أو أخذوا زكاة وجزية وخراجاً وفرّقوا أسهم المرتزقة على جندهم صح ما فعلوه، وما أتلفه باغ على عادل وعكسه إن كان بسبب قتال فلا ضمان على واحد منهما، وإلا فعلى المتلف الضمان. قال ابن سهل: كانت في تلك الفتنة دماء يغرق في بعضها القاتل والمقتول وأتلف فيها أموال ثم صار الناس إلى أن سكنت الحرب بينهم وجرى الحكم عليهم فما رأيته اقتص من أحد ولا أغرم مالاً أتلفه ولو أظهر قوم رأي الخوارج كترك الجماعات وتكفير ذي كبيرة ولم يقاتلوا فلا نتعرّض لهم.
(١١/١٥٠)
---
روي أنّ علياً سمع رجلاً يقول في ناحية المسجد. لا حكم إلا لله تعالى. فقال عليّ رضي الله عنه: كلمة حق أريد بها باطل لكم علينا ثلاثة لا نمنعكم مساجد الله أن تذكروا فيها اسم الله ولا نمنعكم الفيء ما دام أيديكم مع أيدينا ولا نبدئكم بقتال فإن قاتلوا فحكمهم حكم قطاع الطريق، وتفريعات أحكام البغاة مذكورة في الفقه. وفي هذا القدر كفاية.
واختلف في سبب نزول قوله تعالى:
﴿يا أيها الذين آمنوا﴾ أي: أوقعوا الإقرار بالتصديق ﴿لا يسخر﴾ أي: لا يهزأ والسخرية: هي أن لا ينظر الإنسان إلى أخيه بعين الإجلال ولا يلتفت إليه ويسقطه عن درجته ﴿قوم﴾ أي: ناس فيهم قوة المحاولة وهم الرجال وفي التعبير بذلك تنبيه على قيام الإنسان على نفسه وكفها عما تريده من النقائص منكراً لما أعطاه الله تعالى من القوّة ﴿من قوم﴾ أي: من رجال، فإنّ ذلك يوجب الشرّ لأنّ أضعف الناس إذا استهزئ به قوي لما يثور عنده من حظ النفس.
(١١/١٥١)
---