تنبيه: ذكر في الآية ثلاثة أمور مرتبة بعضها دون بعض كما علم من تقريرها ﴿بئس الاسم﴾ أي المذكور من السخرية واللمز والتنابز. وقوله تعالى: ﴿الفسوق﴾ أي: الخروج من ربقة الدين ﴿بعد الإيمان﴾ بدل من الاسم لإفادة أنه فسق لتكرّره عادة. وروي أنّ الآية «نزلت في صفية بنت حيي أتت رسول الله ﷺ فقالت: إنّ النساء يقلن لي يا يهودية بنت يهوديين فقال: هلا قلت إن أبي هارون وعمي موسى وزوجي محمد ﷺ ﴿ومن لم يتب﴾ أي: يرجع عما نهى الله عنه فخفف على نفسه ما كان شدّد عليها ﴿فأولئك﴾ أي: البعداء من الله تعالى ﴿هم الظالمون﴾ أي الغريقون في وضع الأشياء في غير مواضعها. وأدغم أبو عمرو والكسائي الباء في الفاء. واختلف عن خلاد والباقون بالإظهار.
﴿يا أيها الذين آمنوا﴾ أي: اعترفوا بالإيمان وإن كانوا في أوّل مراتبه ﴿اجتنبوا﴾ أي: كلفوا أنفسكم أن تتركوا وتبعدوا وتجعلوا في جانب بعيد عنكم ﴿كثيراً من الظنّ﴾ أي: في الناس وغيرهم واحتاطوا في كل ظنّ ولا تتمادوا معه حتى تجزموا بسببه.
تنبيه: أفهم ذلك أنّ من الظنّ ما لا يجتنب كما في الاجتهاد حيث لا قاطع وكما في ظنّ الخير في الله تعالى: ففي الحديث «أنا عند ظنّ عبدي بي فلا يظنّ بي إلا خيراً»
بل قد يجب كما في قوله تعالى: ﴿لولا إذ سمعتموه ظنّ المؤمنون والمؤمنات بأنفسهم خيراً﴾ (النور: ١٢)
(١١/١٥٥)
---


الصفحة التالية
Icon