وعنه عليه الصلاة والسلام أنه قال: «لما عرج بي مررت بقوم لهم أظافير من نحاس يخمشون وجوههم ولحومهم فقلت: من هؤلاء يا جبريل قال: هؤلاء الذين يأكلون لحوم الناس ويقعون في أعراضهم» وقال ميمون بن سنان: بينما أنا نائم إذا أنا بجيفة زنجي وقائل يقول لي كل هذا قلت يا عبد الله ولم آكل هذا قال إنك اغتبت عبد فلان قلت والله ما ذكرت فيه خيراً ولا شرّاً قال ولكن سمعت ورضيت فكان ميمون لا يغتاب أحد ولا يدع أحداً يغتاب عنده.
وقوله تعالى: ﴿واتقوا الله﴾ أي: اجعلوا بينكم وبين الملك الأعظم وقاية بطاعته معطوف على ما تقدّم من الأوامر والنواهي أي اجتنبوا واتقوا الله ﴿إن الله﴾ أي: الملك الأعظم ﴿توّاب﴾ أي: مكرّر للتوبة وهي الرجوع عن المعصية إلى ما كان قبلها من معاملة التائب وإن كرّر الذنب فلا ييأس أحد وإن كثرت ذنوبه وعظمت ﴿رحيم﴾ يزيده على ذلك بأن يكرمه غاية الإكرام.
تنبيه: ختم سبحانه وتعالى الآيتين بذكر التوبة فقال في الأولى: ﴿ومن لم يتب فأولئك هم الظالمون﴾ وقال ههنا ﴿إنّ الله تواب رحيم﴾ لكن لما كان الابتداء في الآية الأولى بالنهي في قوله تعالى: ﴿لا يسخر قوم من قوم﴾ ذكر النفي الذي هو قريب من النهي وفي الثانية كان الابتداء بالأمر في قوله تعالى: ﴿اجتنبوا كثيراً﴾ فذكر الإثبات الذي هو قريب من الأمر. وقوله تعالى:
(١١/١٦٠)
---
﴿يا أيها الناس﴾ أي: كافة المؤمن وغيره ﴿إنا﴾ أي: على مالنا من العظمة ﴿خلقناكم﴾ أي: أوجدناكم من العدم على ما أنتم عليه من المقادير﴿من ذكر وأنثى﴾ الآية مبين ومقرّر لما تقدّم، لأنّ السخرية من الغير وغيبته إن كان ذلك بسبب غير الدين والإيمان فلا يجوز لأنّ الناس بعمومهم كافرهم ومؤمنهم يشتركون فيما يفتخر به المفتخر، لأنّ التكبر والافتخار إن كان بسبب الغنى فالكافر قد يكون غنياً والمؤمن فقيراً وبالعكس.


الصفحة التالية
Icon