وأمّا الذي قبله فأما راجع إلى أصله الذي وجد فيه أو إلى الفاعل الذي أوجده فالأول كقولك هذا من نحاس وهذا من فضة، والثاني كقولك هذا عمل فلان وهذا عمل فلان. فقال تعالى: لا ترجيح بالنسبة إلى فاعلكم لأنكم كلكم خلق الله تعالى فإن كان عناكم تفاوت فهو بأمور تحصل لكم بعد وجودكم وأشرفها التقوى. ولما كان تفصيلهم إلى فرق كل منها يعرف به أمراً باهراً عبر فيه بنون العظمة فقال تعالى: ﴿وجعلناكم﴾ أي بعظمتنا ﴿شعوباً﴾ جمع شعب بفتح الشين وهو أعلى طبقات الإنسان مثل ربيعة ومضر والأوس والخزرج ﴿وقبائل﴾ أي: تحت الشعوب وذلك أنّ طبقات النسل التي عليها العرب سبعة الشعب والقبيلة والعمارة والبطن والفخذ والفصيلة والعشيرة وكل واحد يدخل فيما قبله فالقبائل تحت الشعوب والعمائر تحت القبائل والبطون تحت العمائر، والأفخاذ تحت البطون، والفصائل تحت الأفخاذ، والعشائر تحت الفصائل خزيمة شعب وكنانة قبيلة وقريش عمارة وقصيّ بطن وعبد مناف فخذ وهاشم فصيلة والعباس عشيرة. قال البغوي: وليس بعد العشيرة حي يوصف ا. ه. وسمى الشعب شعباً لتشعب القبائل منه واجتماعهم به كتشعب أغصان الشجرة والشعب من الأضداد يقال شعب أي: جمع ومنه شعب القدح وشعب أي: فرّق والقبائل واحدها قبيلة سميت بذلك لتقابلها شبهت بقبائل الرأس وهي قطع متقابلة. وقيل الشعوب في العجم والقبائل في العرب والأسباط في بني اسرائيل وقيل: الشعب النسب الأبعد والقبيلة الأقرب والنسبة إلى الشعب شعوبية بفتح الشين وهم جيل يبغضون العرب والعمائر واحدتها: عمارة بفتح العين والبطون واحدتها: بطن. والفصائل: واحدتها فصيلة. والعشائر: واحدتها: عشيرة. وقال أبو روق الشعوب الذين لا يعتزون إلى أحد بل ينتسبون إلى المدائن والقرى والقبائل العرب الذين ينتسبون إلى آبائهم.
(١١/١٦٣)
---


الصفحة التالية
Icon