أحدهما: وهو مذهب السلف وغيرهم أنه يمّر كما جاء من غير تأويل ولا تعطيل وترك الكلام فيه وفي أمثاله مع الإيمان به وتنزيه الرب سبحانه عن صفات الأجسام.
(١١/٢١٣)
---
المذهب الثاني: وهو قول جماعة من المتكلمين وغيرهم أنّ الصعود والنزول من صفات الأجسام فالله تعالى منزه عن ذلك فعلى هذا يكون معناه نزول الرحمة والألطاف الإلهية والإقبال على الداعين بالإجابة واللطف وتخصيصه بالثلث الأخير من الليل، لأنّ ذلك وقت التهجد والدعاء وغفلة أكثر الناس وعن ابن عباس أنّ النبيّ ﷺ كان إذا قام من الليل يتهجد قال: اللهمّ لك الحمد أنت قيوم السموات والأرض ومن فيهنّ، ولك الحمد أنت نور السموات والأرض ومن فيهنّ، ولك الحمد أنت ملك السموات والأرض ومن فيهنّ، ولك الحمد أنت الحق ووعدك حق ولقاؤك حق وقولك حق والجنة حق والنار حق والنبيون حق ومحمد حق والساعة حق اللهم لك أسلمت وبك آمنت وعليك توكلت وإليك أنبت وبك خاصمت وإليك حاكمت فاغفر لي ما قدّمت وما أخرت وما أسررت وما أعلنت» وزاد في رواية «وما أنت أعلم به مني أنت المقدّم وأنت المؤخر لا إله إلا أنت ولا إله غيرك» زاد النسائي «ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم».
ولما ذكر تعالى معاملتهم للخالق أتبعه المعاملة للخلائق تكميلاً لحقيقة الإحسان فقال تعالى:
﴿وفي أموالهم﴾ أي كل أصنافها ﴿حق﴾ أي نصيب ثابت ﴿للسائل﴾ أي الذي ينبه على حاجته بسؤال الناس وهو المتكفف ﴿والمحروم﴾ وهو المتعفف الذي لا يجد ما يغنيه ولا يسأل الناس ولا يُفطن له ليُتصدّق عليه وهذه صفة أهل الصفة رضي الله تعالى عنهم، فالمحسنون يعرفون صاحب الوصف لما لهم من ناقد البصيرة ولله تعالى بهم العناية، وقدم السائل لأنه يعرف بسؤاله أو يكون إشارة إلى كثرة العطاء فيعطي السؤال، فإذا لم يجدهم يسأل عن المحتاجين فيكون سائلاً ومسؤولاً.
(١١/٢١٤)
---