وكان في تلك الأيام تتغير ألوانهم فتحمر وتصفر وتسودّ قال الرازي: وهذا ضعيف، لأنّ قوله تعالى ﴿فعتوا عن أمر ربهم﴾ بحرف الفاء دليل على أنّ العتوّ كان بعد قوله تعالى: ﴿تمتعوا﴾ فإذاً الظاهر أنّ المراد هو ما قدّر الله تعالى للناس من الآجال فما من أحد إلا وهو ممهل مدّة الأجل انتهى. ولحسن هذا فسرت الآية به.
﴿فما﴾ أي: فتسبب عن ذلك أنهم ما ﴿استطاعوا﴾ أي: تمكنوا، وأكد النفي بقوله تعالى: ﴿من قيام﴾ أي: فما قاموا بعد نزول العذاب وما قدروا على نهوض، قال قتادة: لم ينهضوا من تلك الصرعة كقوله تعالى: ﴿فأصبحوا في ديارهم جاثمين﴾ (الأعراف: ٧٨)
وقيل: هو من قولهم ما يقوم به إذا عجز عن دفعه ﴿وما كانوا﴾ أي: كوناً ما ﴿منتصرين﴾ أي: لم يكن فيهم أهلية الانتصار بوجه لا بأنفسهم ولا بناصر ينصرهم فيطاوعونه في النصرة، لأن تهيؤهم لذلك سقط بكل اعتبار.
(١١/٢٢٩)
---
ثالثها: قوله تعالى: ﴿وقوم نوح﴾ بالجرّ، وهي قراءة أبي عمرو وحمزة والكسائي عطف على ثمود أي وفي إهلاكهم بماء السماء والأرض آية، وبالنصب وهي قراءة الباقين أي وأهلكنا قوم نوح ﴿من قبل﴾ أي: من قبل إهلاك هؤلاء المذكورين ثم علل إهلاكهم بقوله تعالى: ﴿إنهم كانوا﴾ خلقاً وطبعاً لا حيلة لغيرنا من أهل الأسباب في صلاحهم ﴿قوما﴾ أي: أقوياء ﴿فاسقين﴾ أي: غريقين في الخروج عن حظيرة الدين.
ثم ذكر ما يدلّ على تمام القدرة على البعث بقوله تعالى:
(١١/٢٣٠)
---