فإن قيل: قوله تعالى ﴿أتبعناهم ذريّاتهم﴾ يفيد فائدة قوله تعالى ﴿ألحقنا بهم ذرياتهم﴾ أجيب بأنّ قوله تعالى ﴿ألحقنا بهم﴾ أي في الدرجات والإتباع إنما هو في حكم الإيمان وإن لم يبلغوه كما مرّ ثم أشار إلى عدم نقصان المتبوع بقوله تعالى ﴿وما ألتناهم﴾ أي: ما نقصنا المتبوعين ﴿من عملهم﴾ وأكد النفي بقوله تعالى ﴿من شيء﴾ أي: بسبب هذا الإلحاق.
ولما بين تعالى اتباع الأدنى للأعلى في الخير، بين أنّ الأدنى لا يتبع الأعلى في الشرّ بقوله تعالى: ﴿كل امرئ﴾ من الذين آمنوا والمتقين وغيرهم ﴿بما كسب﴾ أي: عمل من خير أو شرّ ﴿رهين﴾ أي: مرهون يؤخذ بالشر ويجازى بالخير وقال مقاتل: كل امرئ كافر بما عمل من الشرك رهين في النار، والمؤمن لا يكون مرتهناً لقوله تعالى ﴿كل نفس بما كسبت رهينة إلا أصحاب اليمين﴾ (المدثر: ٣٨ ـ ٣٩)
وقال الواحدي: هذا يعود إلى ذكر أهل النار وهو قول مجاهد أيضاً قال الرازي: وفيه وجه آخر وهو أن يكون الرهين فعيلاً بمعنى الفاعل فيكون المعنى كل امرئ راهن أي دائم إن أحسن ففي الجنة مؤبداً وإن أساء ففي النار مخلداً؛ لأنّ في الدنيا دوام الأعمال بدوام الأعيان، فإنّ العرض لا يبقى إلا في جوهر ولا يوجد إلا فيه، وفي الآخرة دوام الأعيان بدوام الأعمال فإنّ الله تعالى يبقي أعمالهم لكونها عند الله تعالى من الباقيات الصالحات وما عند الله باق والباقي يبقى مع عمله.
(١١/٢٥٠)
---