﴿أم يريدون﴾ أي: بهذا القول الذي يرمونك به ﴿كيداً﴾ أي: مكراً وضرراً عظيماً ليهلكوك به ﴿فالذين كفروا﴾ وكان الأصل فهم، ولكنه قال تعميماً وتعليقاً للحكم بالوصف ﴿هم﴾ أي خاصة ﴿المكيدون﴾ أي: المغلوبون المهلكون فإنهم مكروا به في دار الندوة فحفظه الله تعالى منهم ثم أهلكهم ببدر عند انتهاء سنين عدتها عدّة ما هنا من أم وهي خمس عشرة مرة، لأنّ بدراً كانت في الثانية من الهجرة وهي الخامسة عشر من النبوّة فقد سبب الله تعالى فيها من الأسباب ما أوجب سعيهم إلى هلاكهم بأمور خارقة للعادة، فلو كانت لهم بصائر لكفتهم في الهداية والردّ عن الضلالة والغواية.
﴿أم لهم إله﴾ أي: يمنعهم من التصديق بكتابنا أو يستندون إليه للأمان من عذابنا ﴿غير الله﴾ أي: الذي أحاط بجميع صفات الكمال ﴿سبحان الله﴾ الملك الأعظم الذي تعالى عن أن يداني جنابه شائبة نقص ﴿عما يشركون﴾ من الأصنام وغيرها.
تنبيه: الاستفهام بأم في مواضعها للتقبيح والتوبيخ، ولما بين تعالى فساد أقوالهم وسقوطها أشار إلى أنهم لم يبق لهم عذر فإنّ الآيات والحجج قد ظهرت ولم يؤمنوا فبعد ذلك استحقوا الانتقام.
(١١/٢٦٢)
---
وقوله تعالى: ﴿وإن يروا﴾ أي: معاينة ﴿كسفاً﴾ أي: قطعة وقيل قطعاً واحدتها كسفة مثل سدرة وسدر ﴿من السماء﴾ جهاراً نهاراً ﴿ساقطاً يقولوا﴾ جواب لقولهم فأسقط علينا كسفاً من السماء كأن الله تعالى يقول لو عذبناهم بسقوط قطعة من السماء عليهم لم ينتهوا عن قولهم ويقولون لمعاندتهم: هذا ﴿سحاب﴾ فإن قيل لهم هو مخالف للسحاب بصلابته وغلظته قالوا ﴿مركوم﴾ أي: مركب بعضه على بعض فتلبد وتصلب.
وقوله تعالى: ﴿فذرهم﴾ أي: اتركهم على شر أحوالهم كقوله تعالى: ﴿فأعرض عنهم﴾ (السجدة: ٣٠)
وقوله تعالى: ﴿فتول عنهم﴾ (الصافات: ١٧٤)


الصفحة التالية
Icon