وروى الشيباني قال: سألت زراً عن قوله تعالى: ﴿فكان قاب قوسين أو أدنى﴾ قال أخبرنا عبد الله يعني ابن مسعود «أنه محمد ﷺ رأى جبريل له ستمائة جناح» وبهذا قال ابن عباس والحسن وقتادة، وقال آخرون: دنا الرب عز وجل من محمد ﷺ فتدلى فقرب منه حتى كان قاب قوسين أو أدنى، ومعنى دنوه تعالى: قرب منزلة كقوله ﷺ حكاية عن ربه تبارك وتعالى «من تقرّب إليّ شبراً تقرّبت إليه ذراعاً ومن تقرّب إليّ ذراعاً تقرّبت إليه باعاً ومن مشى إليّ أتيته هرولة» وهذا إشارة إلى المعنى المجازي قال البغوي: وروينا في قصة المعراج من رواية شريك بن عبد الله بن أبي نمر عن أنس: فدنا الجبار رب العزة فتدلى حتى كان منه قاب قوسين أو أدنى وهذه رواية أبي سلمة عن ابن عباس وقال مجاهد: دنا جبريل من ربه وقد قدّمت الكلام على المعراج وعلى جواز رؤيته ﷺ ربه في أوّل الإسراء. وقال الضحاك: دنا محمد ﷺ من ربه عز وجلّ فتدلى فأهوى للسجود فكان منه قاب قوسين أو أدنى وتقدّم الكلام على القاب، والقوس: ما يرمى به في قول مجاهد وعكرمة وعطاء عن ابن عباس، فأخبر أنه كان بين جبريل عليه السلام ومحمد ﷺ مقدار قوسين. وقال مجاهد: معناه حيث الوتر من القوس وهذا إشارة إلى تأكيد القرب والأصل في ذلك أنّ الحليفين من العرب كانا إذا أراد الصفاء والعهد خرجا بقوسيهما فالصقا بينهما يريدان بذلك أنهما متظاهران يحامي كل واحد منهما عن صاحبه، وقال عبد الله بن مسعود: قاب قوسين قدر ذراعين وهو قول سعيد بن جبير، والقوس الذراع يقاس بها كل شيء أو أدنى بل أقرب وإنما ضرب المثل بالقوس لأنها لا تختلف بالقاب.
(١١/٢٧١)
---