(١١/٢٨٨)
---
إلى غير ذلك، فلما لم ينتفعوا أتى بالوعيد والتهديد فلما لم ينفعهم قال أعرض عن المعالجة واقطع الفاسد لئلا يفسد الصالح.
فإن قيل: إنّ الله تعالى بين أنّ غايتهم ذلك في العلم ولا يكلف الله تعالى نفساً إلا وسعها والمجنون الذي لا علم له أو الصبيّ الذي لا يؤمر بما فوق احتماله فكيف يعاقبهم الله تعالى؟ أجيب: بأنه ذكر قبل ذلك أنهم تولوا عن ذكر الله فكان عدم علمهم لعدم قبولهم العلم، وإنما قدر الله تعالى توليهم ليضاف الجهل إلى ذلك فيتحقق العقاب.
﴿ولله﴾ أي: الملك الأعظم وحده ﴿ما في السموات وما في الأرض﴾ أي: من الذوات والمعاني فيشمل ذلك السموات والأرض معترض بين الآية الأولى وبين قوله تعالى ﴿ليجزي الذين أساؤوا﴾ أي: بالضلال ﴿بما عملوا﴾ أي: بسببه أو بجنسه إما بواسطتك بسيوفك وبسيوف أتباعك إذ أذنت لكم في القتال، وإما بغير ذلك بالموت حتف الأنف تضرب الملائكة وجوههم وأدبارهم ثم بعذاب الآخرة على جميع ذنوبهم من غير أن يكون عجل لهم في الدنيا شيء ينقص بسببه عذاب الآخرة.
تنبيه: اللام في ليجزي يجوز أن تتعلق بقوله تعالى: ﴿بمن ضل﴾ و﴿بمن اهتدى﴾، واللام للصيرورة أي عاقبة أمرهم جميعاً للجزاء بما عملوا قال معناه الزمخشري، وأن تتعلق بما دلّ عليه قوله تعالى: ﴿أعلم بمن ضلّ﴾ أي: حفظ ذلك ليجزي قاله أبو البقاء ﴿ويجزي﴾ أي: ويثيب ويكرم ﴿الذين أحسنوا﴾ أي: على ثباتهم على الدين وصبرهم عليه وعلى أذى أعدائهم ﴿بالحسنى﴾ أي: بالمثوبة الحسنى وهي الجنة.
(١١/٢٨٩)
---


الصفحة التالية
Icon