﴿هذا﴾ أي: النبي ﷺ ﴿نذير﴾ أي: محذر بليغ التحذير ﴿من النذر الأولى﴾ أي: من جنسهم أي رسول كالرسل قبله أرسل إليكم كما أرسلوا إلى أقوامهم، وقال تعالى ﴿الأولى﴾ على تأويل الجماعة، أو هذا القرآن نذير من النذر الأولى أي إنذار من جنس الإنذارات الأولى التي أنذر بها من قبلكم.
﴿أزفت الأزفة﴾ أي: قربت الموصوفة بالقرب في قوله تعالى: ﴿اقتربت الساعة﴾ (القمر: ١)
وهو يوم القيامة.
﴿ليس لها من دون الله﴾ أي: من أدنى رتبة من رتبة الملك المحيط بكل شيء قدرة وعلماً وقوله تعالى: ﴿كاشفة﴾ يجوز أن يكون وصفاً وأن يكون مصدراً، فإن كان وصفا احتمل أن يكون التأنيث لأجل أنه وصف لمؤنث محذوف تقديره نفس كاشفة، أو حال كاشفة أي مبينة متى تقوم كقول تعالى: ﴿لا يجليها لوقتها إلا هو﴾ (الأعراف: ١٨٧)
أو ليس لها نفس كاشفة أي قادرة على كشفها إذا وقعت إلا الله تعالى غير أنه تعالى لا يكشفها، أو ليس لها الآن نفس كاشفة بالتأخير وإن كان مصدراً فهي بمعنى الكشف كالعافية والمعنى ليس لها من دون الله كشف أي لا يكشف عنها ولا يظهرها غيره.
﴿أفمن هذا الحديث﴾ قال: أكثر المفسرين المراد بالحديث القرآن العظيم الذي يأتي على سبيل التجدد بحسب الوقائع والحاجات ﴿تعجبون ﴾ إنكاراً وهو في غاية ما يكون من ترقيق القلوب، وقرأ أبو عمرو بإدغام المثلثة في التاء المثناة بخلاف عنه.
(١١/٣٠٧)
---
﴿وتضحكون﴾ أي: استهزاء من هذا الحديث وتجدّدون ذلك في كل وقت ﴿ولا تبكون﴾ أي كما هو حق من يسمعه لما فيه من الوعد والوعيد وغير ذلك وقال الرازي يحتمل أن يكون ذلك إشارة إلى حديث أزفت الآزفة، فإنهم كانوا يتعجبون من حشر الأجساد والعظام البالية.