وقوله تعالى: ﴿حكمة﴾ خبر مبتدأ محذوف أو بدل من ما أومن مزدجر ﴿بالغة﴾ أي: لها أعظم البلوغ إلى أنهى غايات الحكمة لصحتها ووضوحها ففيها مع الزجر ترجئة ومواعظ وأحكام ودقائق ﴿فما تغن﴾ أي: تنفع ﴿النذر﴾ أي: الإنذارات والمنذرون والأمور المنذر بها ومنها إنما المغني بذلك هو الله تعالى فما شاءه كان وما لم يشأه لم يكن.
قال البقاعي: ولعل الإشارة بإسقاط ياء تغني بإجماع المصاحف من غير موجب في اللفظ إلى أنه كما سقطت غاية أحرف الكلمة سقطت ثمرة الإنذار وهو القبول.
تنبيه: يجوز في ما أن تكون استفهامية وتكون في محل نصب مفعولاً مقدّماً أي أي شيء تغني النذر وأن تكون نافية أي لم تغن النذر شيئاً والنذر جمع نذير والمراد به المصدر أو اسم الفاعل.
(١١/٣١٣)
---
ولما كان ﷺ شديد التعلق بطلب نجاتهم فهو لذلك ربما اشتهى إجابتهم إلى مقترحاتهم تسبب عن ذلك قوله تعالى: ﴿فتولّ عنهم﴾ أي: كلف نفسك الإعراض عن تمني ذلك فما عليك إلا البلاغ وأمّا الهداية فإلى الله تعالى وحده.
تنبيه: قال أكثر المفسرين نسختها آية السيف وقال الرازي إنّ قول المفسرين في قوله تعالى: ﴿فتولّ﴾ منسوخ ليس كذلك بل المراد منه لا تناظرهم بالكلام وقوله تعالى: ﴿يوم﴾ منصوب باذكر، أي: واذكر يوم ﴿يدع الداع﴾. وقيل: منصوب بيخرجون بعده والداعي معرف كالمنادي في قوله تعالى: ﴿يوم ينادي المنادي﴾ (ق: ٤١)
لأنه معلوم قد أخبر عنه فقيل إنّ منادياً ينادي وداعياً يدعو، فقيل: الداعي إسرافيل عليه السلام ينفخ قائماً على صخرة بيت المقدس قاله مقاتل، وقيل: جبريل عليه السلام وقيل: ملك موكل بذلك والتعريف حينئذ لا يقطع حدّ العلمية ويكون كقولنا جاء رجل فقال الرجل قاله الرازي. وقرأ نافع وأبو عمرو بحذف الياء بعد العين وقفاً وإثباتها وصلاً وابن كثير بإثباتها وقفا ووصلا والباقون بحذفها وقفا ووصلا ﴿إلى شيء نكر﴾ أي: منكر فظيع لم ير مثله فينكرونه استعظاماً.