﴿وفَجّرْنا﴾ أي: صدّعنا بما لنا من العظمة وشققنا وبعثنا وأسلنا ﴿الأرض عيونا﴾ أي: جميع عيون الأرض ولكنَّه عدل عنه للتهويل بالإبهام ثمَّ البيان وإفادة أنّ وجه الأرض صار كله عيوناً وقرأ ابن كثير وابن ذكوان وشعبة وحمزة والكسائي بكسر العين والباقون بضمها.
﴿فالتقى الماء﴾ أي: المعهود وهو ماء السماء وماء الأرض بسبب فعلنا هذا، وزاد في تعظيمه بأداة الاستعلاء فقال تعالى: ﴿على أمرٍ﴾ أي: حالٍ ﴿قد قدرِ﴾ أي: قضى أي في الأزل وهو هلاكهم غرقاً بماء مقدّر لا يزيد قطرة ولا يهلك غير من أمرناه بإهلاكهم.
﴿وحملناه﴾ أي: نوحاً عليه السلام تتميماً لانتصاره ﴿على ذات﴾ أي: سفينة صاحبةِ ﴿ألواح﴾ أي: أخشاب نجرت حتى صارت عريضة ﴿ودسر﴾ جمع دسار ككتاب وهو ما تشدّ به السفينة من مسمار وحديد أو خشب أو من خيوط الليف ونحوها قال البقاعي: ولعله عبّر عن السفينة بما شرحها تنبيهاً على قدرته على ما يريد.
﴿تجري﴾ أي: السفينة ﴿بأعيننا﴾ أي: محفوظة من أنْ تدخل بحر الظلمات، أو يأتي عليها غير ذلك من الآفات بحفظنا على مالنا من العظمة حفظ من ينظر الشيء بأعين كثيرة ولا يغيب عنه أصلاً، وجوّزوا أنْ يكون جمع تكسير لعين الماء. وقوله تعالى: ﴿جزاء﴾ منصوب بفعل مقدّر أي أغرقوا انتصاراً ﴿لمن كان كفر﴾ وهو نوح عليه الصلاة والسلام أو الباري تعالى:
﴿ولقد تركناها﴾ أي: أبقينا هذه الفعلة العظيمة من جري السفينة على هذا الوجه وإبقاء نوعها دالة على ما لنا من العظمة وقيل تلك السفينة بعينها بقيت على الجودي حتى أدرك بقاياها أول هذه الأمّة ﴿آية﴾ أي: علامة عظيمة على مالنا من العلم المحيط والقدرة التامّة ﴿فهل من مدّكر﴾ أي: معتبر ومتعظ بها وأصله مذتكر أبدلت التاء دالاً مهملة وكذا المعجمة وأدغمت فيها.
(١١/٣١٨)
---