﴿فتعاطى﴾ أي: فاجترأ على تعاطي الأمر العظيم غير مكترث به ﴿فعقر﴾ أي: فتسبب عن ذلك عقرها، وقيل: فتعاطى الناقة فعقرها، أو فتعاطى السيف فقتلها، والتعاطي تفاعل الشيء بتكليف. قال محمد بن إسحق كمن لها في أصل شجرة على طريقها فرماها فانتظم به عضلة ساقها ثم شدّ عليها بالسيف فكشف عرقوبها فخرت ورغت رغاءة واحدة ثم نحرها. وقال ابن عباس: كان الذي عقرها احمر أزرق أشقر أكشف أقعى يقال له قدار بن سالف، والعرب تسمي الجزار قدار تشبيهاً بقدار بن سالف مشؤوم آل ثمود.
﴿فكيف كان عذابي﴾ أي: كان على حال ووجه هو أهل لأن يجتهد في الإقبال على تعرفه والسؤال عنه ﴿ونذر﴾ أي: إنذاري لهم بالعذاب قبل نزوله، أي وقع موقعه.
وبينه بقوله تعالى: ﴿إنا﴾ أي: بمالنا من العظمة ﴿أرسلنا﴾ أي: إرسالاً عظيماً ﴿عليهم صيحة﴾ وحقر شأنهم بالنسبة إلى عظمة عذابه بقوله تعالى: ﴿واحدة﴾ صاحها عليهم جبريل عليه السلام فلم يكن لهم بصيحته هذه التي هي واحدة طاقة، كما قال تعالى ﴿فكانوا كهشيم المحتظر﴾ (القمر: ٣١)
وهو الذي يجعل لغنمه حظيرة من يابس الشجر والشوك يحفظهنّ فيها من الذئاب والسباع، وما يسقط من ذلك فما داسته هو الهشيم والهشيم المهشوم المكسور، ومنه سمي هاشم لهشمه الثريد في الجفان غير أنّ الهشيم يستعمل كثيراً في الحطب المتكسر اليابس قال المفسرون كانوا كالخشب المتكسر الذي يخرج من الحظائر، بدليل قوله تعالى: ﴿هشيماً تذروه الرياح﴾ (الكهف: ٤٥)
(١١/٣٢٦)
---