﴿إن المجرمين﴾ أي: المشركين القاطعين لما أمر الله تعالى أن يوصل ﴿في ضلال﴾ أي: هلاك بالقتل في الدنيا ﴿وسعر﴾ أي: نار مسعرة أي مهيجة في الآخرة وقيل: ﴿في ضلال﴾ أي: عمى عن القصد بالبعث وسعر. قال الضحاك أي: نار تسعر عليهم وقيل ضلال ذهاب عن طريق الجنة في الآخرة، وسعر جمع سعير نار مسعرة وقال الحسين بن الفضل: إن المجرمين في ضلال في الدنيا ونار في الآخرة. وقال قتادة: في عناء وعذاب.
ثم بين عذابهم في الآخرة بقوله تعالى: ﴿يوم يسحبون﴾ أي: في القيامة إهانة لهم من أي ساحب كان ﴿في النار﴾ أي الكاملة النارية ﴿على وجوههم﴾لأنهم في غاية الذل والهوان جزاء بما كانوا يذلون أولياء الله تعالى مقولاً لهم من أي قائل اتفق ﴿ذوقوا﴾ لأنه لا منعة لهم ولا حمية بوجه ﴿مَسَّ سقر﴾ أي: حرّ النار وألمها فإن مسها سبب للتألم بها، وسقر علم لجهنم مشتقة من سقرته الشمس أو النار أي لوحته ويقال: صقرته بالصاد وهي مبدلة من السين قال ذو الرمة:
*إذا ذابت الشمس اتقى صقراتها ** يا فنان مربوع الصريمة معبل*
وعدم صرفها للتعريف والتأنيث. وقال بعض المفسرين: إنّ هذه الآية نزلت في القدرية لما روي أنه ﷺ قال: «مجوس هذه الأمة القدرية» وهم المجرمون الذين سماهم الله تعالى في قوله سبحانه ﴿إنّ المجرمين في ضلال وسعر﴾ وفي مسلم عن أبي هريرة قال: «جاء مشركو قريش يخاصمون رسول الله ﷺ في القدر فنزلت هذه الآية إلى آخرها» قال الرازي: والقدري هو الذي ينكر القدر وينسب الحوادث لاتصالات الكواكب لما مرّ أنّ قريشاً خاصموا النبيّ ﷺ في القدر، ومذهبهم أن الله تعالى مكن العبد من الطاعة والمعصية وهو قادر على خلق ذلك في العبد وقادر على أن يطعم الفقير ولهذا قالوا: أنطعم من لو يشاء الله أطعمه منكرين لقدرته تعالى على الإطعام.
(١١/٣٣٦)
---