تنبيه: ﴿كل شيء﴾ منصوب بفعل مضمر يفسره الظاهر، ولما بين سبحانه وتعالى أنّ كل شيء بفعله بيّن يسر ذلك وسهولته عليه بقوله تعالى: ﴿وما أمرنا﴾ في كل شيء أردناه وإن عظم أمره ﴿إلا واحدة﴾ أي: فعلة يسيرة لا معالجة فيها وليس هناك أحداث قول لأنه قديم بل تعلق القدرة بالمقدور على وفق الإرادة الأزلية؛ وقيل إلا كلمة واحدة وهي قوله تعالى ﴿كن﴾ كما قال تعالى: ﴿إذا أردناه أن نقول له كن فيكون﴾ (النحل: ٤٠)
ثم مثل لنا ذلك بأسرع ما نعقله وأخفه بقوله تعالى: ﴿كلمح بالبصر﴾ واللمح النظر بالعجلة وفي الصحاح لمحة وألمحه إذا أبصره بنظر خفيف أي فكما أن لمح أحدكم بصره لا كلفة عليه فيه فكذلك الأفعال كلها عندنا بل أيسر؛ وعن ابن عباس معناه: وما أمرنا بمجيء الساعة في السرعة إلا كطرف البصر.
(١١/٣٣٨)
---
﴿ولقد أهلكنا﴾ أي: بما لنا من العظمة ﴿أشياعكم﴾ أي: أشباهكم ونظراءكم في الكفر من الأمم السابقة والقدرة عليكم كالقدرة عليهم فاحذروا أن يصيبكم ما أصابهم ولذلك سبب عنه قوله تعالى: ﴿فهل من مدكر﴾ أي بما وقع لهم أنه مثل من مضى بل أضعف وأنّ قدرته تعالى عليه كقدرته تعالى عليهم ليرجع عن غيه خوفاً من سطوته والاستفهام بمعنى الأمر أي ادكروا واتعظوا.
﴿وكل شيء فعلوه﴾ قال الجلال المحلي: أي: العباد. وقال أكثر المفسرين: أي: الأشياع لأنه هو المتقدم ذكره ﴿في الزبر﴾ أي مكتوب في دواوين الحفظة. وقيل: في اللوح المحفوظ. وقيل: في أم الكتاب فلتحذروا من أفعالهم فإنها غير منسية هذا ما أطبق عليه القراء بما أدى إلى هذا المعنى من رفع كل لأنه لو نصب لأوهم تعلق الجار بالفعل فيوهم أنهم فعلوا في الزبر كل شيء من الأشياء وهو فاسد.
﴿وكل صغير وكبير﴾ أي: من الخلق وأعمالهم وآجالهم ﴿مستطر﴾ أي: مكتوب في اللوح المحفوظ.


الصفحة التالية
Icon