﴿وأقيموا الوزن بالقسط﴾ أي: افعلوه مستقيماً بالعدل. وقال أبو الدرداء: أقيموا لسان الميزان بالعدل. وقال ابن عيينة: الإقامة باليد والقسط بالقلب وقال مجاهد: القسط العدل بالرومية ﴿ولا تخسروا الميزان﴾ أي: لا تنقصوا الموزون، أمر بالتسوية ونهى عن الطغيان الذي هو اعتداء وزيادة، وعن الخسران الذي هو تطفيف ونقصان؛ وكرّر لفظ الميزان تشديداً للتوصية وتقوية للأمر باستعماله والحث عليه؛ وقيل: كرّره لمحال رؤوس الآي، وقيل كرّره ثلاث مرات: الأول: بمعنى الآلة وهو قوله تعالى: ﴿ووضع الميزان﴾ والثاني: بمعنى المصدر أي لا تطغوا في الوزن. والثالث: للمفعول أي لا تخسروا الموزون. قال ابن عادل: وبين القرآن والميزان مناسبة، فإنّ القرآن فيه العلم الذي لا يوجد في غيره من الكتب والميزان به يقام العدل الذي لا يقام بغيره من الآلات.
ولما ذكر إنعامه الدال على اقتداره برفع السماء، ذكر على ذلك الوجه مقابلها بعد أن وسط بينهما ما قامتا به من العدل تنبيهاً على شدّة العناية والاهتمام به فقال تعالى: ﴿والأرض﴾ أي: ووضع الأرض ثم فسر ناصبها كما فعل في قوله تعالى: ﴿والسماء رفعها﴾ فقال تعالى: ﴿وضعها﴾ أي: دحاها وبسطها على الماء ﴿للأنام﴾ أي: كل من فيه قابلية النوم أو قابلية الونيم وهو الصوت. وقيل: هو الحيوان وقيل: بنو آدم خاصة. وهو مروي عن ابن عباس ونقل النووي في التهذيب عن الزبيدي الأنام الخلق قال: ويجوز الأنيم وقال: الواحدي قال الليث: الأنام ما على ظهر الأرض من جميع الخلق. وقال: الحسن هم الأنس والجن.
(١١/٣٤٧)
---