الكتاب : السراج المنير للخطيب الشربينى
وقوله تعالى: ﴿يسأله من في السموات﴾ أي: كلها كلهم ﴿والأرض﴾ كذلك مستأنف وقيل: حال من وجه والعامل فيه يبقى أي: يبقى مسؤولاً من أهل السموات والأرض بلسان الحال أو المقال أو بهما. قال ابن عباس وأبو صالح: أهل السموات يسألونه المغفرة ولا يسألونه الرزق، وأهل الأرض يسألونهما جميعاً. وقال ابن جريج: يسأله الملائكة الرزق لأهل الأرض فكانت المسألتان جميعاً من أهل السماء وأهل الأرض لأهل الأرض كما في الحديث، قال القرطبي: وفي الحديث: «إن من الملائكة ملكاً له أربعة أوجه وجه كوجه الإنسان يسأل الله تعالى الرزق لبني آدم، ووجه كوجه الأسد وهو يسأل الله تعالى الرزق للسباع، ووجه كوجه الثور وهو يسأل الله تعالى الرزق للبهائم، ووجه كوجه النسر وهو يسأل الله تعالى الرزق للطير». وقال ابن عطاء: إنهم يسألوه القوّة على العبادة. وقوله تعالى: ﴿كل يوم﴾ منصوب بالاستقرار الذي تضمنه الخبر وهو قوله تعالى: ﴿هو في شان﴾ والشأن الأمر روى أبو الدرداء: عن النبيّ ﷺ قال: «كل يوم هو في شان قال من شأنه أن يغفر ذنباً ويفرج كربة ويرفع أقواماً ويضع آخرين». وعن ابن عمر: عن النبيّ ﷺ قال: «يفغر ذنباً ويكشف كرباً ويجيب داعياً». وقال أكثر المفسرين من شأنه أنه يحيي ويميت ويرزق ويعزّ قوماً ويذل قوماً ويشفي قوماً ويفرج مكروباً ويجيب داعياً ويعطي سائلاً ويغفر ذنباً إلى ما لا يحصى من أفعاله وإحداثه في خلقه ما يشاء. وروى البغوي: عن ابن عباس رضى الله عنهما أنه قال: «إنّ مما خلق الله عز وجل لوحاً من درّة بيضاء دفتاه من ياقوتة حمراء قلمه نور وكلماته نور ينظر الله تعالى فيه كل يوم ثلاثمائة وستين نظرة يخلق ويرزق ويحيي ويميت ويعزّ ويذلّ ويفعل ما يشاء»، فذلك قوله تعالى: ﴿كل يوم هو في شان﴾.
(١١/٣٦٢)
---