فإن قيل: أي فرق بين القراءتين من جهة المعنى؟ أجيب: بأنّ معنى قراءة التاء الأمر بأن يخبرهم بما سيجري عليهم من الغلبة والحشر إلى جهنم فهو إخبار بما سيغلبون ويحشرون وهو الكائن من نفس المتوعد به والذي يدل عليه اللفظ ومعنى القراءة بالياء الأمر بأن يحكى لهم ما أخبره به من وعيد بلفظه كأنه قال: أد إليهم هذا القول الذي هو قولي لك سيغلبون ويحشرون.
﴿قد كان لكم آية﴾ أي: عبرة ودلالة على صدق ما أقول لكم إنكم ستغلبون.
فإن قيل: لِمَ لَمْ يقل قد كانت؛ لأنّ الآية مؤنثة؟ أجيب: بأنه إنما ذكر الفعل للفصل بينه وبين الإسم المؤنث بلكم فإن الفصل مسوغ لذلك مع المؤنث الحقيقي كقوله:
*إنّ امرأ غره منكنّ واحدة ** بعدي وبعدك في الدنيا لمغرور*
(١/٤٧٦)
---


الصفحة التالية
Icon