﴿فبأي آلاء﴾ أي: نعم ﴿ربكما﴾ المحسن إليكما المربي لكما بما تعرفون به قدرته على ما يريد ﴿تكذبان﴾ أبتلك النعم أم بغيرهما؟.
وقال البغوىّ: وفي الخبر يحاط على الخلق بالملائكة وبلسان من نار ثم ينادون ﴿يا معشر الجنّ والإنس إن استطعتم﴾ الآية، فذلك قوله تعالى: ﴿يرسل عليكما﴾ أي: أيها المعاندون؛ قال ابن عباس رضي الله عنهما: حين يخرجون من القبور لسوقهم إلى المحشر ﴿شواظ من نار﴾ قال مجاهد: هو اللهب الأخضر المنقطع من النار. وقال ابن عباس رضي الله تعالى عنهما: هو اللهب الخالص الذي لا دخان له. وقال الضحاك هو الدخان الذي يخرج من اللهب ليس كدخان الحطب وقال سعيد بن جبير: عن ابن عباس رضي الله عنهما: إذا خرجوا من قبورهم ساقهم شواظ إلى المحشر وقيل: هو اللهب الأحمر. وقال عمرو: هو النار والدخان جميعاً وحكاه الأخفش عن بعض العرب قال حسان:
*هجوتك فاختضعت لها بذل ** بقافية تأجج كالشواظ*
وقرأ ابن كثير: بكسر الشين والباقون: بضمها، وهما لغتان بمعنى واحد مثل صوار من البقر وصوار وهو القطيع من البقر.
واختلف في قوله سبحانه وتعالى: ﴿ونحاس﴾ فقيل: هو الصفر المعروف يذيبه الله تعالى ويعذبهم به. وقيل: هو الدخان الذي لا لهب معه قاله الخليل، وهو معروف في كلام العرب؛ وأنشد الأعشى:
*تضيء كضوء سراج السلي
** ط لم يجعل الله فيه نحاسا*
وقال ابن برحان والعرب تسمى الدخان نحاساً بضم النون وكسرها، وأجمع القراء على ضمها ا. ه وقال الضحاك: هو دردري الزيت المغلي. وقال الكسائي: التي لها ريح شديد. ﴿فلا تنتصران﴾ أي فلا تمتنعان ولا ينصر بعضكم بعضاً من ذلك بل يسوقكم إلى المحشر.
﴿فبأي آلاء﴾ أي نعم ﴿ربكما﴾ أي: المدبر لكما هذا التدبير المتقن ﴿تكذبان﴾ أبتلك النعم ـ فإن التهديد لطف والتمييز بين المطيع والعاصي بالجزاء والانتقام من الكفار في عداد الآلاء ـ أم بغيرها؟.
(١١/٣٦٧)
---