(١١/٤٧٤)
---
«لن يدخل الجنة أحداً منكم عمله قالوا: ولا أنت يا رسول الله قال: ولا أنا إلا أن يتغمدني الله بفضل رحمة». ولا ينافي ذلك قوله تعالى: ﴿ادخلوا الجنة بما كنتم تعملون﴾ لأنّ الباء في الحديث عوضيه، وفي الآية سببية، فإن قيل: يلزم على هذا أن يقطع بحصول الجنة لجميع العصاة وأن يقطع بأنه لا عقاب عليهم؟ أجيب: بأنا نقطع بحصول الجنة ولا نقطع بنفي العقاب عنهم لأنهم إذا عذبوا مدة ثم نقلوا إلى الجنة بقوا فيها أبد الآباد فكانت معدة لهم ﴿والله﴾ أي: والحال أنّ الملك المختص بجميع صفات الكمال فله الأمر كله ﴿ذو الفضل العظيم﴾ أي: الذي جل أن تحيط بوصفه العقول ﴿ما أصاب من مصيبة في الأرض﴾ أي: من قحط المطر وقلة النبات ونقص الثمرات وغلاء الأسعار وتتابع الحوائج وغير ذلك ﴿ولا في أنفسكم﴾ أي: من الأمراض والفقر وذهاب الأولاد وضيق العيش وغير ذلك ﴿إلا في كتاب﴾ أي: مكتوبة في اللوح مثبتة في علم الله تعالى: ﴿من قبل أن نبرأها﴾ أي: نخلق ونوجد ونقدر المصيبة في الأرض والأنفس، وهذا دليل على أنّ اكتساب العباد بخلقه سبحانه وتعالى وتقديره ﴿إن ذلك﴾ أي: الأمر الجليل وهو علمه بالشيء وكتبه له على تفاصيله قبل أن يخلقه ﴿على الله﴾ أي: لما له من الإحاطة بصفات الكمال ﴿يسير﴾ لأن علمه محيط بكل شيء فقدرته شاملة لا يعجزه فيها شيء.
(١١/٤٧٥)
---