(١١/٤٧٨)
---
عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: «أنزل ثلاثة أشياء مع آدم عليه السلام الحجر الأسود وكان أشد بياضاً من الثلج وعصا موسى عليه السلام وكانت من آس طولها عشرة أذرع مع طول موسى»؛ وعن الحسن ﴿وأنزلنا الحديد﴾ خلقناه كقوله تعالى: ﴿وأنزل لكم من الأنعام﴾ (الزمر: ٦)
وذلك أن أوامره تنزل من السماء وقضاياه وأحكامه ﴿فيه بأس﴾ أي: قوة وشدّة ﴿شديد﴾ أي: قوة شديدة فمنه جنة وهي آلة الدفع ومنه سلاح وهو آلة الضرب ﴿ومنافع للناس﴾ بما يعمل منه من مرافقهم لتقوم أحوالهم بذلك قال البيضاوي: ما من صنعة إلا والحديد آلتها، وقال مجاهد: يعني جنة، وقيل: انتفاع الناس بالماعون الحديد كالسكين والفأس ونحو ذلك، وروي أنّ الحديد أنزل في يوم الثلاثاء فيه بأس شديد، أي مهراق الدماء ولذلك نهي عن الفصد والحجامة في يوم الثلاثاء لأنه يوم جرى فيه الدم؛ وروي أنه ﷺ قال: «أن في يوم الثلاثاء ساعة لا يراقد فيها الدم».
وقوله تعالى: ﴿وليعلم الله﴾ أي: الذي له جميع العظمة علم شهادة لأجل إقامة الحجة بما يليق بعقول الخلق فيكون الجزاء على العمل لا على العلم، عطف على قوله تعالى: ﴿ليقوم الناس﴾ أي: لقد أرسلنا رسلنا وفعلنا كيت وكيت ليقوم الناس وليعلم الله ﴿من ينصره﴾ أي: ينصر دينه بآلات الحرب من الحديد وغيره وقوله تعالى: ﴿ورسله﴾ عطف على مفعول ينصره أي: وينصر رسله وقوله تعالى: ﴿بالغيب﴾ حال من هاء ينصره، أي: غائباً عنهم في الدنيا، قال ابن عباس رضي الله عنهما: ينصرونه ولا يبصرونه ﴿إن الله﴾ أي: الذي له العظمة كلها ﴿قوي﴾ أي: فهو قادر على إهلاك جميع أعدائه وتأييد من ينصره من أوليائه ﴿عزيز﴾ فهو غير مفتقر إلى نصرة أحد وإنما دعا عباده إلى نصرة دينه ليقيم الحجة عليهم فيرحم من أراد بامتثال المأمور ويعذب من يشاء بارتكاب المنهي لبناء هذه الدار على حكمة ربط المسببات بالأسباب ولما أجمل الرسل في قوله تعالى:
(١١/٤٧٩)
---