نهيناهم قتلونا فليس يسعنا المقام بينهم
(١١/٤٨٢)
---
فاعتزلوا الناس واتخذوا الصوامع. وقال قتادة: الرهبانية التي ابتعدوها رفض النساء واتخاذ الصوامع. وفي خبر مرفوع هي لحوقهم بالبراري والجبال وقوله تعالى: ﴿ما كتبناها﴾ صفة لرهبانية ويجوز أن يكون استئناف إخبار بذلك، قال ابن زيد: معناه ما فرضناها ﴿عليهم﴾ ولا أمرنا هم بها في كتابهم ولا على لسان رسولهم وقوله تعالى: ﴿إلا ابتغاء رضوان الله﴾ أي: الملك الأعظم استثناء منقطع، أي: ولكنهم ابتدعوها ابتغاء رضوان الله، وقيل: متصل بما هو مفعول من أجله والمعنى: ما كتبناها عليهم الشيء من الأشياء إلا لابتغاء مرضاة الله ويكون كتب بمعنى: قضى فصار المعنى: كتبناها عليهم ابتغاء مرضاة الله ﴿فما رعوها حق رعايتها﴾أي: ما قاموا بها حق القيام بل ضموا إليها التثليث وكفروا بدين عيسى ودخلوا في دين ملكهم وبقي على دين عيسى كثير منهم وآمنوا بنبينا محمد ﷺ ﴿فآتينا﴾ أي: بما لنا من صفات الكمال ﴿الذين آمنوا﴾ أي: بالنبيّ ﷺ ﴿منهم أجرهم﴾ أي: اللائق بهم وهو الرضوان المضاعف ﴿وكثير منهم﴾ أي: من هؤلاء الذين ابتدعوها فضيعوا ﴿فاسقون﴾ أي: عريقون في وصف الخروج عن الحدود التي حدّها الله تعالى وهم الذين تركوا الرهبانية وكفروا بدين عيسى عليه السلام، روى البغوي بسنده عن ابن مسعود أنه قال: «دخلت على رسول الله ﷺ فقال: يا ابن مسعود اختلف من كان قبلكم على اثنتين وسبعين فرقة نجا منهم ثلاث وهلك سائرهم فرقة غزت الملوك وقاتلوهم على دين عيسى وفرقة لم يكن لهم طاقة بمعاداة الملوك ولا أن يقيموا بين أظهرهم فدعوهم إلى دين الله تعالى ودين عيسى عليه السلام فساحوا في البلاد فترهبوا وهم الذين قال الله عز وجل: ﴿ورهبانية ابتدعوها ما كتبناها عليهم﴾» ثم قال النبي ﷺ «من آمن بي وصدقني واتبعني فقد رعاها حق رعايتها ومن لم يؤمن بي فأولئك هم