وقوله تعالى: ﴿أأشفقتم﴾ أي: خفتم العيلة لما يعدكم به الشيطان من الفقر خوفاً كاد أن يفطر قلوبكم ﴿أن تقدّموا﴾ أي: بإعطاء الفقراء وهم إخوانكم ﴿بين يدي نجواكم﴾ أي: النبيّ ﷺ ﴿صدقات﴾ وجمع؛ لأنه أكثر توبيخاً من حيث إنه يدل على أنّ النجوى تتكرّر استفهام معناه التقرير وهو الناسخ عند الأكثر كما مرّ.
وقرأ نافع وابن كثير وأبو عمرو وهشام: بتسهيل الثانية بخلاف عن هشام، وأدخل بينهما الفاء قالون وأبو عمرو وهشام، والباقون بتحقيقهما ولا إدخال والأولى محققة بلا خلاف ﴿فإذ﴾ أي: فحين ﴿لم تفعلوا﴾ أي: ما أمرتكم به من الصدقة للنجوى بسبب هذا الإشفاق ﴿وتاب الله﴾ أي: الملك الأعلى ﴿عليكم﴾ أي: رجع بكم عنها بأن نسخها عنكم تخفيفاً عليكم ﴿فأقيموا﴾ أي: بسبب العفو عنكم شكراً أي: على هذا الكرم والحلم ﴿الصلاة﴾ التي هي طهرة لأرواحكم وصلة لكم بربكم ﴿وآتوا الزكاة﴾ التي هي براءة لأبدانكم وتطهير ونماء لأموالكم وصلة لكم بإخوانكم، ولا تفرّطوا في شيء من ذلك فتهملوه فالصلاة نور يهدي إلى المقاصد الدنيوية والأخروية ويعين على نوائب الدارين، والصدقة برهان على صحة القصد في الصلاة.
ثم عمم بعد أن خصص أشرف العبادات البدنية وأعلى المناسك المالية بقوله تعالى: ﴿وأطيعوا الله﴾ أي: الذي له الكمال له ﴿ورسوله﴾ أي: الذي عظمته من عظمته في سائر ما يأمرانكم به، فإنه تعالى ما أمركم لأجل إكرام رسولكم ﷺ إلا بالحنيفية السمحة ﴿والله﴾ أي: الذي أحاط بكل شيء علماً وقدرة ﴿خبير بما تعملون﴾ أي: يعلم بواطنكم كما يعلم ظواهركم لا تخفى عليه خافية.
(١٢/٢١)
---


الصفحة التالية
Icon