واحتجوا بهذه الآية على أنّ حصون الكفرة وديارهم يجوز هدمها وتحريقها وتغريقها، وأن ترمى بالمناجيق، وكذا أشجارهم. وعن ابن مسعود: أنهم قطعوا منها ما كان موضعاً للقتال، وروي: أنّ رجلين كانا يقطعان أحدهما العجوة والآخر اللون فسألهما رسول الله ﷺ فقال: هذا تركتها لرسول الله ﷺ وقال: هذا قطعتها غيظاً للكفار. وقد استدل به على جواز الاجتهاد، وعلى جوازه بحضور النبي ﷺ لأنهما بالاجتهاد فعلا ذلك، واحتج به من يقول: كل مجتهد مصيب. وقال الكيا الطبري: وإن كان الاجتهاد يبعد في مثله مع وجود النبيّ ﷺ بين أظهرهم، ولا شك أنّ رسول الله ﷺ رأى ذلك وسكت، فتلقوا الحكم من تقريره فقط. قال ابن العربي: وهذا باطل لأنّ رسول الله ﷺ كان معهم، ولا اجتهاد مع حضوره ﷺ وإنما يدل على اجتهاد النبيّ ﷺ فيما لم ينزل عليه أخذاً بعموم الأدلة للكفار ودخولاً للأذن في الكل بما يقضي عليهم بالبوار، وذلك قوله تعالى: ﴿وليخزي الفاسقين﴾
﴿وما أفاء الله﴾ أي: ردّ الملك الذي له الأمر كله ردّاً سهلاً بعد أن كان في غاية العسر والصعوبة ﴿على رسوله﴾ فصيره في يده بعد أن كان خروجه عنها بوضع أيدي الكفرة عليه ظلماً وعدواناً، كما دل عليه التعبير بالفيء الذي هو عود الظلّ إلى الناحية التي كان ابتدأ منها ﴿منهم﴾ أي: ردّاً مبتدأ من الفاسقين فبين تعالى أن هذا فيء لا غنيمة، ويدخل في الفيء أموال من مات منهم بلا وارث، وكذا الفاضل عن وارث له غير حائز، وكذا الجزية وعشر تجارتهم، وما جلوا أي: تفرقوا عنه ولو لغير خوف كضرّ أصابهم.
(١٢/٤٣)
---