وفي صحيح مسلم عن أبي موسى: أنه بعث إلى قراء أهل البصرة فدخل عليه ثلاثمائة رجل قد قرأوا القرآن، فقال: أنتم خيار أهل البصرة وقراؤهم فاتلوه، ولا تطولن عليكم الأمد فتقسوا قلوبكم كما قست قلوب من قبلكم، وإنا كنا نقرأ سورة فشبهها في الطول والشدة ببراءة فأنسيتها غير أني قد حفظت منها لو كان لابن آدم واديان من مال لابتغى وادياً ثالثاً، ولا يملأ جوف ابن آدم إلا التراب. وكنا نقرأ سورة فشبهها بإحدى المسبحات فأنسيتها غير أني حفظت منها ﴿يا أيها الذين آمنوا لم تقولون ما لا تفعلون﴾ فلبثت شهادة في أعناقكم فتسألون عنها يوم القيامة. قال ابن العربي: وهذا كله ثابت في الدين لفظاً ومعنى في هذه السورة، وأما قوله: شهادة في أعناقكم فتسألون عنها يوم القيامة، فمعنى ذلك: ثابت في الدين فإن من التزم شيئاً ألزمه شرعاً. وقال القرطبي: ثلاث آيات منعتني أن أقضي على الناس ﴿أتأمرون الناس بالبر وتنسون أنفسكم﴾ (البقرة: ٤٤)
﴿وما أريد أن أخالفكم إلى ما أنهاكم عنه﴾ (هود: ٨٨)
و﴿يا أيها الذين آمنوا لم تقولون ما لا تفعلون﴾ وعن أنس بن مالك قال: قال رسول الله ﷺ «أتيت ليلة أسري بي على قوم تقرض شفاههم بمقاريض من نار، كلما قرضت عادت، قلت: من هؤلاء يا جبريل؟ قال: هؤلاء خطباء أمتك الذين يقولون ولا يفعلون، ويقرؤون كتاب الله ولا يعملون به».
(١٢/١١٧)
---