قال الزمخشري: لا فرق بين لا ولن في أن كل واحدة منهما نفي للمستقبل، إلا أن في لن تأكيداً وتشديداً ليس في لا فأتى مرة بلفظ التأكيد ﴿ولن يتمنوه﴾ ومرة بغير لفظه ﴿ولا يتمنونه﴾ قال أبو حيان: وهذا رجوع منه عن مذهبه وهو أن لن تقتضي النفي على التأبيد إلى مذهب الجماعة، وهي أنها لا تقتضيه. قال بعضهم: وليس فيه رجوع، غاية ما فيه أنه سكت عنه، وتشريكه بين لا و لن في نفي المستقبل لا ينفي اختصاص لن بمعنى آخر ا. ه. ودعواهم الولاية إلى التوسل إلى الجنة لا يلزم منها الاختصاص بالنعم بدليل أن الدنيا ليست خالصة للأولياء المحقق لهم الولاية بل البر والفاجر مشتركون فيها. ﴿والله﴾ أي: الذي له الإحاطة بكل شيء قدرة وعلماً ﴿عليم﴾ بالغ العلم محيط بهم هكذا كان الأصل ولكنه تعالى قال: ﴿بالظالمين﴾ تعميماً وتعليقاً بالوصف لا بالذات، فالمعنى أنه عالم بأصحاب هذا الوصف الراسخين فيه منهم ومن غيرهم، فهو مجازيهم على ظلمهم.
﴿قل﴾ أي: لهؤلاء يا أشرف الرسل ﴿إن الموت الذي تفرون منه﴾ بالكف عن التمني ﴿فإنه ملاقيكم﴾ أي: لا تفوتونه لاحق بكم.
تنبيه: في هذه الفاء وجهان: أحدهما: إنها داخلة لما تضمنه الاسم من معنى الشرط، وحكم الموصوف بالموصول حكم الموصول في ذلك. قال الزجاج: لا يقال: إن زيداً فمنطلق، وههنا قال: ﴿فإنه ملاقيكم﴾ لما في معنى الذي من الشرط أو الجزاء، أي: إن فررتم منه فإنه ملاقيكم، ويكون مبالغة في الدلالة على أنه لا ينفع الفرار منه. الثاني: إنها مزيدة محضة لا للتضمن المذكور.
(١٢/١٤١)
---


الصفحة التالية
Icon