ثم إنّ الله تعالى زاد في الترغيب بالرضا منهم باليسير بقوله تعالى: ﴿مما رزقناكم﴾ أي: بعظمتنا. قال الزمخشري: من في ﴿مما رزقناكم﴾ للتبعيض، والمراد الإنفاق الواجب ا. ه. ثم قال تعالى محذراً من الاغترار بالتسويف في أوقات السلامة: ﴿من قبل أن يأتي أحدكم الموت﴾ أي: يرى دلائله وأماراته وكل لحظة مرّت فهي دلائله وأماراته. قال القرطبي: وهذا دليل على وجوب تعجيل إخراج الزكاة، ولا يجوز تأخيرها أصلاً، أي: بلا عذر، وكذا سائر العبادات إذا دخل وقتها. وقال الرازي: وبالجملة فقوله تعالى: ﴿لا تلهكم أموالكم ولا أولادكم عن ذكر الله﴾ تنبيه على المحافظة على الذكر قبل الموت، وقوله تعالى: ﴿وأنفقوا مما رزقناكم﴾ تنبيه على الشكر كذلك.
ولما كانت الشدّة تقتضي الإقبال إلى الله تعالى سبب عن ذلك قوله تعالى: ﴿فيقول﴾ أي: سائلاً في الرجعة، وأشار إلى ترقيقها للقلوب بقوله: ﴿رب لولا﴾ أي: هلا ولم لا ﴿أخرتني﴾ أي: أخرت موتي إمهالاً ﴿إلى أجل﴾ أي: زمان، وقوله ﴿قريب﴾ بين به أن مراده استدراك ما فات ليس إلا، وقيل: لا زائدة ولو للتمني أي: لو أخرتني إلى أجل قريب ﴿فأصدّق﴾ أي: للتزوّد في سفري هذا الطويل الذي أنا مستقبله.
(١٢/١٧١)
---
وعن ابن عباس رضي الله عنهما: تصدّقوا قبل أن ينزل عليكم سلطان الموت، فلا تقبل توبة ولا ينفع عمل. وعنه: ما يمنع أحدكم إذا كان له مال أن يزكي، وإذا أطاق الحج أن يحج من قبل أن يأتيه الموت، فيسأل ربه الكرة فلا يعطاها. وعنه: أنها نزلت في مانعي الزكاة، ووالله لو رأى خيراً ما سأل الرجعة، فقيل له: أما تتقي الله يسأل المؤمنون الكرّة، قال: نعم أنا أقرأ عليكم قرآناً يعني: أنها نزلت في المؤمنين، وهم المخاطبون بها. وكذا عن الحسن: ما من أحد لم يزك، ولم يصم، ولم يحج إلا سأل الرجعة. وقال الضحاك: لا ينزل بأحد لم يحج ولم يؤدّ الزكاة الموت إلا وسأل الرجعة، وعن عكرمة: نزلت في أهل القبلة.