وقد فرق الله تعالى الخلق فريقين فريقاً للجنة وفريقاً للنار، وقال الحسن وقتادة: بلغنا أن التغابن على ثلاثة أصناف: رجل علم علماً فضيعه ولم يعمل به فشقي به، ورجل علم علماً وعمل به فنجا به، ورجل اكتسب مالاً من وجوه يسأل عنها وشح عليه وفرط في طاعة ربه بسببه ولم يعمل فيه خيراً، وتركه لوارث لا حساب عليه، فعمل ذلك الوارث فيه بطاعة ربه، ورجل كان له عبد فعمل ذلك العبد بطاعة ربه فسعد، وعمل السيد بمعصية ربه فشقي. وروى القرطبي عن النبي ﷺ أنه قال: «إن الله تعالى يقيم الرجل والمرأة يوم القيامة بين يديه فيقول الله تعالى لهما قولاً: ما أنتما قائلان؟ فيقول الرجل: يا رب أوجبت نفقتها علي فنفقتها من حرام ومن حلال، وهؤلاء الخصوم يطلبون ذلك، ولم يبق لي ما أوفي، فتقول المرأة: يا رب وما عسى أن يقول اكتسبه حراماً وأكلته حلالاً، وعصاك في مرضاتي ولم أرض له بذلك فبعداً له وسحقاً، فيقول الله تعالى: قد صدقت فيؤمر به إلى النار ويؤمر بها إلى الجنة، فتطلع عليه من طبقات الجنة فتقول له: غبناك غبناك سعدنا بما شقيت أنت به، فذلك يوم التغابن».
وقال بعض علماء الصوفية: إن الله تعالى كتب الغبن على الخلق أجمعين فلا يلقى أحد ربه إلا مغبوناً، لأنه لا يمكنه الاستيفاء للعمل حتى يحصل له استيفاء الثواب قال ﷺ «لا يلقى الله أحد إلا نادماً إن كان مسيئاً إن لم يحسن، وإن كان محسناً إن لم يزدد».
(١٢/١٨٥)
---