وعن ابن مسعود: لا يقولن أحدكم اللهم اعصمني من الفتنة، فإنه ليس أحد منكم يرجع إلى مال ولا ولد إلا وهو مشتمل على فتنة، ولكن ليقل اللهم أعوذ بك من مضلات الفتن. وقال الحسن في قوله تعالى: ﴿إن من أزواجكم وأولادكم﴾ أدخل من للتبعيض لأنهم كلهم ليسوا بأعداء، ولم يذكر في قوله تعالى: ﴿إنما أموالكم وأولادكم فتنة﴾ لأنهما لا يخلوان من الفتنة واشتغال القلب بهما.
روى الترمذي وغيره عن عبد الله بن بريدة عن أبيه قال: «رأيت النبي ﷺ يخطب فجاء الحسن والحسين رضي الله تعالى عنهما وعليهما قميصان أحمران يمشيان ويعثران، فنزل ﷺ فحملهما ووضعهما بين يديه، ثم قال: صدق الله عز وجل ﴿إنما أموالكم وأولادكم فتنة﴾ نظرت إلى هذين الصبيين يمشيان ويعثران فلم أصبر حتى قطعت حديثي ورفعتهما» ثم أخذ في خطبته./
تنبيه:: قدم الأموال على الأولاد لأن فتنة المال أكثر، وترك ذكر الأزواج في الفتنة قال البقاعي: لأن منهن من يكون صلاحاً وعوناً على الآخرة ﴿والله﴾ أي: ذو الجلال ﴿عنده﴾ وناهيك بما يكون منه بسبيل جلاله وعظمته ﴿أجر﴾ ثم وصفه بقوله تعالى: ﴿عظيم﴾ أي: لمن ائتمر بأوامره التي أمره بها.
وقوله تعالى: ﴿فاتقوا الله﴾ أي: الملك الأعلى ﴿مااستطعتم﴾ أي: جهدكم ووسعكم ناسخ لقوله تعالى: ﴿اتقوا الله حق تقاته﴾ (آل عمران: ١٠٢)
قاله قتادة والربيع بن أنس السدي، وذكر الطبري عن ابن زيد في قوله تعالى: ﴿يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله حق تقاته﴾ قال جاء أمر شديد قال: ومن يعرف قدر هذا ويبلغه، فلما علم الله تعالى أنه قد اشتد عليهم نسخه عنهم، وجاء بهذه الآية الأخرى فقال ﴿فاتقوا الله ما استطعتم﴾ وقال ابن عباس: وهي محكمة لا نسخ فيها، ولكن ﴿حق تقاته﴾ أن يجاهدوا فيه حق جهاده، ولا تأخذهم في الله لومة لائم، ويقوموا لله بالقسط ولو على أنفسهم وآبائهم وأبنائهم.
(١٢/١٩٢)
---