تنبيه: قوله تعالى: ﴿منكم﴾ قال الحسن: من المسلمين، وعن قتادة: من أحراركم، وذلك يوجد اختصاص الشهادة على الرجعة بالذكور دون الإناث لأن ذوى للمذكر. وقوله تعالى: ﴿وأقيموا﴾ أي: أيها المأمورون حيث كنتم شهوداً ﴿الشهادة﴾ التي تحملتموها بأدائها على أكمل أحوالها ﴿لله﴾ أي: مخلصين لوجه الملك الأعلى لا لأجل المشهود له والمشهود عليه، ولا شيء سوى وجه الله تعالى.
وفيه حث على أداء الشهادة لما فيه من العسر على الشاهد بترك مهماته وعسر لقاء الحاكم الذي يؤدي عنده، وربما بعد مكانه وكان للعدل في الأداء عوائق أيضاً ﴿ذلكم﴾ أي: الذي ذكرت لكم أيتها الأمة من هذه الأمور البديعة النظام العالية المرام، وأولاها بذلك هذا الإشهاد وإقامة الشهادة ﴿يوعظ﴾ أي: يلين ويرقق ﴿به من كان﴾ أي: كوناً راسخاً من جميع الناس﴿يؤمن بالله﴾ أي: الذي له الكمال كله ﴿واليوم الآخر﴾ فإنه المحط الأعظم للترقيق، وأما من لم يكن متصفاً بذلك فكأنه لقساوة قلبه ماوعظ به لأنه لم ينتفع به.
وقوله تعالى: ﴿ومن يتق الله﴾ أي: يخف الملك الأعظم فيجعل بينه وبين ما يسخطه وقاية بما يرضية، وهو اجتلاب ما أمر به واجتناب ما نهي عنه من الطلاق وغيره، ظاهراً وباطناً لأن التقوى إذا انفردت في القرآن عن مقارن عمت الأمر والنهي، وإن اقترنت بغيرها نحو إحسان أو رضوان خصت المناهي ﴿يجعل﴾ أي: بسبب التقوى ﴿له مخرجاً ﴾ جملة اعتراضية مؤكدة لما سبق بالوعد على اتقائه عما نهى عنه صريحاً أو ضمناً من الطلاق في الحيض والإضرار بالمعتدة وإخراجها من المسكن، وتعدى حدود الله تعالى. روي أن النبي ﷺ «سئل عمن طلق ثلاثاً أو ألفاً هل له من مخرج فتلاها» وقال ابن عباس رضي الله تعالى عنهما والثعلبي والضحاك: هذا في الطلاق خاصة، أي: من طلق كما أمره الله تعالى يكن له مخرج في الرجعة في العدة، وأن يكون كأحد الخطاب بعد العدة.
(١٢/٢٠٥)
---