الخامس: أنه منصوب بفعل مقدر، أي: وأرسل رسولاً ﴿يتلو عليكم آيات الله﴾ هي دلائل الملك الأعظم الظاهرة جداً حال كونها ﴿مبينات﴾ أي: لا لبس فيها بوجه. واختلف الناس في رسولاً هل هو النبي ﷺ أو جبريل؟ الأكثر على الأول واقتصر عليه الجلال المحلي، واقتصر الزمخشري على الثاني، وهو قول الكلبي. وقرأ ابن عامر وحفص وحمزة والكسائي بكسر الياء بعد الموحدة، والباقون بالفتح ﴿ليخرج الذين أمنوا ﴾ أي: أقروا بالشهادتين ﴿وعملوا﴾ تصديقاً لما قالوه بألسنتهم وتحقيقاً لأنه من قلوبهم ﴿الصالحات﴾ أي: ليحصل لهم ما هم عليه الآن من الإيمان والعمل الصالح، أو ليخرج من علم أو قدر أنه مؤمن ﴿من الظلمات﴾ أي: الضلالة ﴿إلى النور﴾ أي: الهدى.
﴿ومن يؤمن بالله﴾ أي: يجدد في كل وقت على الدوام الإيمان بالملك الأعلى بأن لا يزال في ترق في معارج معارفه ﴿ويعمل﴾ على التجديد المستمر ﴿صالحاً﴾ لله وفي الله فله دوام النعماء، وهو معنى إدخاله الجنة كما قال تعالى: ﴿يدخله﴾ أي: عاجلاً مجازاً بما يفتح الله له من لذات المعارف ويفتح له من الأنس، وآجلاً حقيقة ﴿جنات﴾ أي: بساتين هي في غاية ما يكون من جمع جميع الأشجار وحسن الدار وبين دوام ريها بقوله تعالى: ﴿تجري من تحتها﴾ أي: من تحت غرفها ﴿الأنهار﴾ فهي في غاية الري بحيث أن ساكنها يجري في أي موضع أراد نهراً.
وقرأ نافع وابن عامر ندخله بالنون، والباقون بالياء التحتيه. ﴿خالدين فيها﴾ وأكد معنى الخلود بقوله تعالى: ﴿أبداً﴾ ليفهم الدوام بلا انقضاء. وقوله تعالى: ﴿قد أحسن الله﴾ أي: الملك الأعلى ذو الجلال والإكرام ﴿له﴾ أي: خاصة ﴿رزقاً﴾ أي: عظيماً عجيباً فيه تعجب وتعظم لما رزقوا من الثواب.
(١٢/٢٢١)
---


الصفحة التالية
Icon