وقوله تعالى: ﴿ما ترى في خلق الرحمن﴾ أي: للسموات ولغيرها خطاب للنبي ﷺ أو لكل مخاطب، وكذا القول في قوله تعالى: ﴿فارجع البصر﴾ ﴿ثم ارجع البصر﴾ ﴿ينقلب إليك البصر﴾ ﴿من تفاوت﴾، أي: من اعوجاج ولا تناقض ولا تباين بل هي مستقيمة مستوية دالة على خالقها وإن اختلف صورة، وقيل: المراد بذلك السموات خاصة، أي: ما ترى في خلق السموات من عيب وأصله من الفوت وهو: أن يفوت بعضها بعضاً فيقع الخلل لعدم استوائها يدل عليه قول ابن عباس: من تفرّق، وقال السدي: أي من اختلاف وعيب يقول الناظر: لو كان كذا لكان أحسن، وقيل: المراد من التفاوت الفطور لقوله تعالى بعد ذلك: ﴿فارجع البصر هل ترى من فطور﴾ ونظيره قوله تعالى: ﴿وما لها من فروج﴾ (ق: ٦) قال القفال: ويحتمل أن يكون المعنى: ما ترى في خلق الرحمن من تفاوت في الدلالة على حكم الصانع وأنه لم يخلقها عبثاً.
تنبيه: دلت هذه الآية على كمال علم الله تعالى، وذلك أن الحس دل على أن هذه السموات السبع أجسام مخلوقة على وجه الإحكام والإتقان وكل فاعل كان فعله محكماً متقناً فلا بدّ وأن يكون عالماً فدلت الآية على كونه تعالى عالماً بالمعلومات فقوله تعالى: ﴿ما ترى في خلق الرحمن من تفاوت﴾ إشارة إلى كونها محكمة متقنة.
وقرأ: ﴿ما ترى﴾ و﴿هل ترى﴾ أبو عمرو وحمزة والكسائي بالإمالة محضة وورش بين بين والباقون بالفتح، وأدغم لام هل في التاء أبو عمرو وهشام وحمزة والكسائي، وقرأ من تفوت حمزة والكسائي بغير ألف بعد الفاء وتشديد الواو والباقون بألف بعد الفاء وتخفيف الواو.
وقوله تعالى: ﴿فارجع البصر﴾ مسبب عن قوله تعالى: ﴿ما ترى﴾ وقوله تعالى: ﴿هل ترى من فطور﴾ جملة يجوز أن تكون معلقة لفعل محذوف يدل عليه فارجع البصر، أي: فارجع البصر فانظر هل ترى، وأن يكون فارجع البصر مضمناً معنى انظر لأنه بمعناه فيكون هو المعلق.
(١٣/٣٩)
---