فيكون المعنى: جعلناها ظنوناً ورجوماً بالغيب لشياطين الإنس وهم المنجمون يتكلمون بها رجماً بالغيب في أشياء من عظيم الابتلاء، وعن قتادة: خلقت النجوم لثلاث: زينة للسماء ورجوماً للشياطين وعلامات يهتدى بها، فمن تأول فيها غير ذلك أخطأ وتكلف ما لا علم له به وتعدى وظلم.
﴿وأعتدنا﴾ أي: هيأنا في الآخرة مع هذا الذي في الدنيا بما لنا من العظمة ﴿لهم﴾ أي: للشياطين ﴿عذاب السعير﴾ أي: التي في غاية الاتقاد في الآخرة قال المبرد: سعرت النار فهي مسعورة وسعير، مثل مقتولة وقتيل، وهذه الآية تدل على أن النار مخلوقة الآن لأن قوله تعالى: ﴿وأعتدنا لهم﴾ خبر عن الماضي.
ولما أخبر تعالى عن تهيئة العذاب لهم بالخصوص أخبر عن تهيئته لكل عامل بأعمالهم على وجه اندرجوا هم فيه فقال عز من قائل: ﴿وللذين كفروا﴾ أي: أوقعوا التغطية لما من حقه أن يظهر ويشهر من الإذعان للإله ﴿بربهم﴾ أي: الذي تفرد بإيجادهم والإحسان إليهم فأنكروا إيجاده لهم بعد الموت كفراً بما شاهدوا من اختراعه لهم من العدم ﴿عذاب جهنم﴾ أي: الدركة النارية التي تلقاهم بالتجهم والعبوسة والغضب ﴿وبئس المصير﴾ أي: هي.
(١٣/٤٢)
---
﴿إذا ألقوا﴾ أي: طرح الكفار ﴿فيها﴾ أي: في نار جهنم من أيّ طارح أمرناه بطرحهم كما يطرح الحطب في النار العظيمة ﴿سمعوا لها﴾ أي: جهنم نفسها ﴿شهيقاً﴾ أي: صوتاً هائلاً أشد نكارة من أول صوت الحمار لشدة توقدها وغليانها، قال ابن عباس: الشهيق لجهنم عند إلقاء الكفار فيها كشهيق البغلة للشعير أو لأهلها على حذف مضاف كما قال عطاء: الشهيق للكفار، أي: سمعوا من أنفسهم شهيقاً كقوله تعالى: ﴿لهم فيها زفير وشهيق﴾ (هود: ١٠٦) قال القرطبي: الشهيق في الصدر، والزفير في الحلق وقد مضى في سورة هود. ﴿وهي تفور﴾ أي: تغلي بهم ومنه قول حسان:
*تركتم قدركم لا شيء فيها ** وقدر القوم حابية تفور*