ولما كان هذا أمراً غامضاً دل عليه بأمر مشاهد أبدعه بلطفه وأتقنه بخبره فقال مستأنفاً: ﴿هو﴾ أي: وحده ﴿الذي جعل لكم الأرض﴾ على سعتها وعظمتها وحزونة كثير منها ﴿ذلولاً﴾ أي: مسخرة لا تمتنع لتتوصلوا إلى منافعكم فيها قابلة للانقياد لما تريدون منها من مشي وزرع حبوب وغرس أشجار وغير ذلك، وقيل: ثبتها بالجبال لئلا تزول بأهلها ولو كانت متمايلة لما كانت منقادة لنا، وقيل: لو كانت مثل الذهب والحديد لكانت تسخن جداً في الصيف وتبرد جداً في الشتاء.
تنبيه: في ذكر هذه الآية بعد الآية المتقدمة تهديد للكفرة كقول السيد لعبده الذي أساء إليه سراً: يا فلان أنا أعرف سرك وعلانيتك فاجلس في هذه الدار التي وهبتها لك، وكل هذا الخبز الذي هيأته لك ولا تأمن مكري وتأديبي، فكأنه تعالى يقول: يا أيها الكفار أنا عالم بسركم وجهركم وضمائركم فخافوني فإن الأرض التي هي قراركم أنا ذللتها لكم ولو شئت خسفت بكم.
(١٣/٤٩)
---


الصفحة التالية
Icon