﴿أمن هذا الذي يرزقكم﴾ أي: على سبيل التجدد والاستمرار ﴿إن أمسك رزقه﴾ بإمساك الأسباب التي ينشأ عنها كالمطر، ولو كان الرزق موجوداً وكثيراً وسهل التناول فوضع الأكل في فمه فأمسك الله تعالى عنه قوة الازدراد عجز أهل السموات والأرض عن أن يسوغوه تلك اللقمة، وجواب الشرط محذوف دل عليه ما قبله، أي: فمن يرزقكم، أي: لا رازق لكم غيره، ﴿بل لجوا﴾ أي: تمادوا سفاهة لا احتياطاً وشجاعة. قال الرازي في «اللوامع»: واللجاج تقحم الأمر مع كثرة الصوارف عنه، ﴿في عتوّ﴾ أي: مظروفين لعناد وتكبر عن الحق وخروج إلى فاحش الفساد ﴿ونفور﴾ أي: تباعد عن الحق، واستولى ذلك عليهم حتى أحاط بهم مع أنه لا قوة لأحد منهم في جلب سارّ ولا دفع ضارّ والداعي إلى ذلك الشهوة والغضب.
(١٣/٥٨)
---
﴿أفمن يمشي مكباً﴾ أي: واقعاً ﴿على وجهه أهدى أمن يمشي سوياً﴾ أي: معتدلاً ﴿على صراط﴾ أي: طريق ﴿مستقيم﴾ وخبر من الثانية محذوف دل عليه خبر الأولى، أي: أهدى، والمثل في المؤمن والكافر، أي: أيهما أهدى، وقيل: المراد بالمكب الأعمى، فإنه يتعسف فينكب وبالسوي البصير. وقيل: المكب هو الذي يحشر على وجهه إلى النار، ومن يمشي سوياً: الذي يحشر على قدميه إلى الجنة، وقال ابن عباس والكلبي رضي الله عنهم: عنى بالذي يمشي مكباً على وجهه أبا جهل، وبالذي يمشي سوياً رسول الله ﷺ وقيل: أبو بكر، وقيل: حمزة، وقيل: عمار بن ياسر، قال عكرمة: وقيل: عامٌّ في الكافر والمؤمن، أي: أن الكافر لا يدري أعلى حق هو أم على باطل، أي: أهذا الكافر أهدى أم المسلم الذي يمشي سوياً معتدلاً يبصر الطريق وهو على صراط مستقيم وهو الإسلام، وقرأ قنبل بالسين وقرأ خلف بالإشمام، أي: بين الصاد والزاي والباقون بالصاد الخالصة.
(١٣/٥٩)
---