﴿إن ربك﴾ أي: الذي رباك أحسن تربية وفضلك على سائر الخلائق ﴿هو﴾ أي: وحده ﴿أعلم﴾ أي: من كل أحد ﴿بمن ضلّ﴾ أي: حاد ﴿عن سبيله﴾ أي: دينه وسلك غير سبيل القصد وأخطأ موضع الرشد ﴿وهو﴾ أي: وحده ﴿أعلم بالمهتدين﴾ أي: الثابتين على الهدى، وهم أولوا الأحلام والنهى، أي: لذو علم بمعنى عالم.
تنبيه: قوله تعالى: ﴿وهو أعلم﴾ ﴿وهو مكظوم﴾ ﴿وهو مذموم﴾ قرأه قالون وأبو عمرو والكسائي بسكون الهاء، والباقون بضمها وقوله تعالى: ﴿فلا تطع المكذبين﴾ أي: العريقين في التكذيب وهم مشركو مكة، فإنهم كانوا يدعونه إلى دين آبائه فنهاه أن يطيعهم، ينتج التصميم على معاداتهم.
﴿ودّوا﴾ أي: تمنوا وأحبوا محبة واسعة متجاوزة للحدّ قديماً مع الاستمرار على ذلك ﴿لو﴾ مصدرية ﴿تدهن فيدهنون﴾ قال الضحاك: لو تكفر فيكفرون. وقال الكلبي: لو تلين لهم فيلينون لك. وقال الحسن: لو تصانعهم في دينك فيصانعونك في دينهم. وقال زيد بن أسلم: لو تنافق وترائي فينافقون ويراؤون. وقال ابن قتيبة: أرادوا أن يعبد آلهتهم مدّة ويعبدون الله مدة. وقال ابن العربي: ذكر المفسرون في ذلك نحو عشرة أقوال كلها دعاوى على اللغة، والمعنى وأمثلها: ودّوا لو تكذب فيكذبون، ودّوا لو تكفر فيكفرون. وقال القرطبي: كلها إن شاء الله تعالى صحيحة على مقتضى اللغة والمعنى.
تنبيه: في رفع فيدهنون وجهان: أحدهما: أنه عطف على تدهن فيكون داخلاً في حيّز لو، والثاني: أنه خبر مبتدأ مضمر، أي: فهم يدهنون. وقال الزمخشري: فإن قلت لم رفع فيدهنون ولم ينصب بإضمار أن وهو جواب التمني، قلت: قد عدل به إلى طريق آخر وهو أن جعل خبر مبتدأ محذوف، أي: فهم يدهنون، كقوله تعالى: ﴿فمن يؤمن بربه فلا يخاف بخساً﴾ (الجن: ١٣) على معنى: ودّوا لو تدهن فهم يدهنون حينئذ أو ودّوا ادهانك، فهم الآن يدهنون لطمعهم في ادهانك.
(١٣/٧٧)
---


الصفحة التالية
Icon