ولما كان حطام هذه الدنيا كله عرضاً فانياً وظلاً متقلصاً زائلاً لا يفتخر به ولا يلتفت إليه إلا من كان بهذه الأوصاف، فإذا كان ذلك أكبر همه ومبلغ علمه أثمر له الترفع على الحقوق والتكبر على العباد، قال الله تعالى: ﴿أن﴾ أي: لأجل أن ﴿كان﴾ أي: هذا الموصوف ﴿ذا مال﴾ أي: مذكور بالكثرة ﴿وبنين﴾ أنعمنا عليه بهما، فصار يطاع لأجلهما، فكان بحيث يجب عليه شكرنا بسببهما. ﴿إذا تتلى﴾ أي: تذكر على سبيل المتابعة ﴿عليه﴾ ولو كان ذلك على سبيل الخصوص له ﴿آياتنا﴾ أي: العلامات الدالة دلالة هي في غاية الظهور على الملك الأعلى وعلى ماله من صفات العظمة ﴿قال﴾ أي: مفاجأة من غير تأمل ولا توقف عوضاً عن شكرنا ﴿أساطير﴾ جمع سطور جمع سطر ﴿الأولين﴾ أي: أشياء سطروها ودونوها وفرغوا منها، فحمله دنيء طبعه على تكثره بالمال، فورطه في التكذيب بأعظم ما يمكن سماعه، فجعل الكفر موضع الشكر، ولم يستح من كونه يعرف كذبه كل من سمعه، فأعرض عن الشكر ووضع موضعه الكفر، فكان هذا دليلاً على جميع تلك الصفات السابقة، مع التعليل بالاستناد إلى ما هو عند العاقل أوهى من بيت العنكبوت والاستناد إليه وحده كاف في الاتصاف بالرسوخ في الدناءة.
(١٣/٨١)
---


الصفحة التالية
Icon